جمعہ، 11 اگست، 2017

سورۃ بقرۃ حصہ پنجم

.تفسير الآية رقم (221):
{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}
{وَلاَ تَنْكِحُواْ} تتزوّجوا أيها المسلمون {المشركات} أي الكافرات {حتى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكَةٍ} حرّة لأنّ سبب نزولها العيب على من تزوّج أمة وترغيبه في نكاح حرّة مشركة {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} لجمالها ومالها وهذا مخصوص بغير الكتابيات بآيةِ {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} [5: 5] {وَلاَ تُنْكِحُواْ} تزوجوا {المشركين} أي الكفار المؤمنات {حتى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} لماله وجماله {أولئك} أي أهل الشرك {يَدْعُونَ إِلَى النار} بدعائهم إلى العمل الموجب لها فلا تليق مناكحتهم {والله يَدْعُواْ} على لسان رسله {إِلَى الجنة والمغفرة} أي العمل الموجب لهما {بِإِذْنِهِ} بإرادته فتجب إجابته بتزويج أوليائه {وَيُبَيِّنُ ءاياته لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يتعظون.
.تفسير الآية رقم (222):
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}
{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ المحيض} أي الحيض أو مكانه ماذا يُفعل بالنساء فيه؟ {قُلْ هُوَ أَذًى} قذر أو محله {فاعتزلوا النسآء} اتركوا وطأهنّ {فِي المحيض} أي وقته أو مكانه {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ} بالجماع {حتى يَطْهُرْنَ} بسكون الطاء وتشديدها [يطّهّرن] والهاء وفيه إدغام التاء في الأصل في الطاء أي يغتسلن بعد انقطاعه {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} بالجماع {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} وبتجنبه في الحيض وهو القُبُل ولا تعدوه إلى غيره {إِنَّ الله يُحِبُّ} يثيب ويكرم {التوابين} من الذنوب {وَيُحِبُّ المتطهرين} من الأقذار.
.تفسير الآية رقم (223):
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}
{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} أي محل زرعكم الولد {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ} أي محله وهو القبل {أنى} أي كيف {شِئْتُمْ} من قيام وقعود واضطجاعِ وإقبال وإدبار. نزل ردّاً لقول اليهود من أتى امرأته في قبلها من جهة دبرها جاء الولد أحول {وَقَدّمُواْلأَنفُسِكُمْ} العمل الصالح كالتسمية عند الجماع {واتقوا الله} في أمره ونهيه {واعلموا أَنَّكُم ملاقوه} بالبعث فيجازيكم بأعمالكم {وَبَشِّرِ المؤمنين} الذين اتقوه بالجنة.
.تفسير الآية رقم (224):
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)}
{وَلاَ تَجْعَلُواْ الله} أي الحلف به {عُرْضَةً} علة مانعة {لأيمانكم} أي نُصْباً لها بأن تكثروا الحلف به {أن} لا {تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ} فتُكْرَه اليمين على ذلك ويسن فيه الحنث ويكفِّر بخلافها على فعل البر ونحوه فهي طاعة {وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ الناس} المعنى لا تمتنعوا من فعل ما ذكر من البر ونحوه إذا حلفتم عليه بل ائتوه وكفروا لأن سبب نزولها الامتناع من ذلك {والله سَمِيعٌ} لأقوالكم {عَلِيم} بأحوالكم.
.تفسير الآية رقم (225):
{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو} الكائن {فِي أيمانكم} وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف نحو والله، وبلى والله فلا إثم عليه ولا كفارة {ولكن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} أي قصدته من الإيمان إذا حنثتم {والله غَفُورٌ} لما كان من اللغو {حَلِيمٌ} بتأخير العقوبة عن مستحقها.
.تفسير الآية رقم (226):
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}
{لّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نّسَائِهِمْ} أي يحلفون أن لا يجامعوهن {تَرَبُّصُ} انتظار {أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَآءُو} رجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء {فَإِنَّ الله غَفُورٌ} لهم ما أتوه من ضرر المرأة بالحلف {رَّحِيمٌ} بهم.
.تفسير الآية رقم (227):
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
{وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق} أي عليه بأن لا يفيئوا فليوقعوه {فَإِنَّ الله سَمِيعٌ} لقولهم {عَلِيمٌ} بعزمهم المعنى ليس لهم بعد تربص ما ذكر إلا الفيئة أو الطلاق.
.تفسير الآية رقم (228):
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}
{والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} أي لينتظرن {بِأَنفُسِهِنَّ} عن النكاح {ثلاثة قُرُوء} تمضي من حين الطلاق، جمع قرء بفتح القاف، وهو الطهر أو الحيض قولان وهذا في المدخول بهن أما غيرهن فلا عدّة عليهن لقوله: {فما لكم عليهن من عدّة} [49: 33] وفي غير الآيسة والصغيرة فعدّتهن ثلاثة أشهر والحوامل فعدّتهن أن يضعن حملهن كما في [سورة الطلاق: 65] والإماء فعدّتهن قرءان بالسنة {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله فِي أَرْحَامِهِنَّ} من الولد أو الحيض {إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الأخر وَبُعُولَتُهُنَّ} أزواجهن {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} بمراجعتهن ولو أبين {فِي ذلك} أي في زمن التربص {إِنْ أَرَادُواْ إصلاحا} بينهما لإِضرار المرأة وهو تحريض على قصده لا شرط لجواز الرجعة وهذا في الطلاق الرجعي (وأحق) لا تفضيل فيه إذ لا حق لغيرهم في نكاحهن في العدّة {وَلَهُنَّ} على الأزواج {مِثْلُ الذي} لهم {عَلَيْهِنَّ} من الحقوق {بالمعروف} شرعاً من حسن العشرة وترك لإضرار ونحو ذلك {وَلِلرّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فضيلة في الحق من وجوب طاعتهن لهم لما ساقوه من المهر والإنفاق {والله عَزِيزٌ} في ملكه {حَكِيمٌ} فيما دبره لخلقه.
.تفسير الآية رقم (229):
{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}
{الطلاق} أي التطليق الذي يراجع بعده {مَرَّتَانِ} أي اثنتان {فَإِمْسَاكٌ} أي فعليكم إمساكهن بعده بأن تراجعوهن {بِمَعْرُوفٍ} من غير ضرار {أَوْ تَسْرِيحٌ} أي إرسال لهن {بإحسان وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ} أيها الأزواج {أَن تَأخُذُواْ مِمَّا ءّاتَيْتُمُوهُنَّ} من المهور {شَيْئاً} إذا طلقتموهن {إِلاَّ أَن يَخَافَا} أي الزوجان {أنْ} {لا يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ} أي لا يأتيا بما حدّه لهما من الحقوق، وفي قراءة {يُخُافا} بالبناء للمفعولـ (فإن لا يقيما) بدل اشتمال من الضمير فيه، وقرئ بالفوقانية في الفعلين {إلأّ أن تخافا لا تقيما} {فَإِنْ خِفْتُمْ} {أنْ} {لا يُقيما حُدُودَ اللّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} نفسها من المال ليطلقها أي لا حرج على الزوج في أخذه ولا الزوجة في بذله {تِلْكَ} الأحكام المذكورة {حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظالمون}.
.تفسير الآية رقم (230):
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)}
{فَإِن طَلَّقَهَا} الزوج بعد الثنتين {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ} بعد الطلقة الثالثة {حتى تَنْكِحَ} تتزوّج {زَوْجًا غَيْرَهُ} ويطأها كما في الحديث الذي رواه الشيخان {فَإِن طَلَّقَهَا} أي الزوج الثاني {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} أي الزوجة والزوج الأول {أَن يَتَرَاجَعَا} إلى النكاح بعد انقضاء العدة {إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ الله وَتِلْكَ} المذكورات {حُدُودُ الله يُبَيّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يتدبرون.
.تفسير الآية رقم (231):
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النساء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} قاربن انقضاء عدّتهن {فَأَمْسِكُوهُنَّ} بأن تراجعوهن {بِمَعْرُوفٍ} من غير ضرار {أَوْ سَرّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} اتركوهن حتى تنقضي عدّتهن {وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ} بالرجعة {ضِرَارًا} مفعول له {لِّتَعْتَدُواْ} عليهن بالإلجاء إلى الافتداء والتطليق وتطويل الحبس {وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} بتعريضها إلى عذاب الله {وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيات الله هُزُوًا} مهزوءاً بها بمخالفتها {واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ} بالإسلام {وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مّنَ الكتاب} القرآن {والحكمة} ما فيه من الأحكام {يَعِظُكُمْ بِهِ} بأن تشكروها بالعمل بِهِ {واتقوا الله واعلموا أَنَّ الله بِكُلّ شَئ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء.
.تفسير الآية رقم (232):
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النساء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} انقضت عدتهن {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} خطاب للأولياء أي تمنعوهن من {أَن يَنكِحْنَ أزواجهن} المطلقين لهن، لأن سبب نزولها أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فأراد أن يراجعها فمنعها معقل بن يسار، كما رواه الحاكم {إِذَا تراضوا} أي الأزواج والنساء {بَيْنَهُم بالمعروف} شرعاً {ذلك} النهي عن العضل {يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر} لأنه المنتفع به {ذلكم} أي ترك العَضْل {أزكى} خير {لَّكُمْ وَأَطْهَرُ} لكم ولهم لما يُخْشَى على الزوجين من الريبة بسبب العلاقة بينهما {والله يَعْلَمُ} ما فيه المصلحة {وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ذلك فاتبعوا أمره.
.تفسير الآية رقم (233):
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)}
{والوالدات يُرْضِعْنَ} أي ليرضعن {أولادهن حَوْلَيْنِ} عامين {كَامِلَيْنِ} صفة مؤكِّدة ذلك {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} ولا زيادة عليه {وَعلَى المولود لَهُ} أي الأب {رِزْقُهُنَّ} إطعام الوالدات {وَكِسْوَتُهُنَّ} على الإرضاع إذا كن مطلقات {بالمعروف} بقدر طاقته {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا} طاقتها {لاَ تُضَآرَّ والدة بِوَلَدِهَا} أي بسببه بأن تُكْرَهَ على إرضاعه إذا امتنعت {وَلاَ} يضار {مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} أي بسببه بأن يكلف فوق طاقته وإضافة (الولد) إلى كل منهما في الموضعين للاستعطاف {وَعَلَى الوارث} أي وارث الأب وهو الصبي أي على وليه في ماله {مِثْلُ ذلك} الذي على الأب للوالدة من الرزق والكسوة {فَإِنْ أَرَادَا} أي الوالدان {فِصَالاً} فطاماً له قبل الحولين صادراً {عَن تَرَاضٍ} اتفاق {مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ} بينهما لتظهر مصلحة الصبي فيه {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} في ذلك {وَإِنْ أَرَدتُّم} خطاب للآباء {أَن تَسْتَرْضِعُواْ أولادكم} مراضع غير الوالدات {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فيه {إِذَا سَلَّمْتُم} إليهن {مَّآ ءَاتَيْتُم} أي أردتم إيتاءه لهن من الأجرة {بالمعروف} بالجميل كطيب النفس {واتقوا الله واعلموا أَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه شيء منه.
.تفسير الآية رقم (234):
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)}
{والذين يُتَوَفَّوْنَ} يموتون {مِنكُمْ وَيَذَرُونَ} يتركون {أزواجا يَتَرَبَّصْنَ} أي ليتربصن {بِأَنفُسِهِنَّ} بعدهم عن النكاح {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} من الليالي، وهذا في غير الحوامل أما الحوامل فعدّتهن أن يضعن حملهن بآية (الطلاق)، والأمَةُ على النصف من ذلك بالسُّنَة {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} انقضت عدة تربصهن {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} أيها الأولياء {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ} من التزين والتعرض للخطّاب {بالمعروف} شرعا {والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} عالم بباطنه كظاهره.
.تفسير الآية رقم (235):
{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235)}
{وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم} لوّحتم {بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النسآء} المتوفى عنهن أزواجهن في العدّة كقول الإنسان مثلاً: إنك لجميلة، ومن يجد مثلك؟ ورُبَّ راغب فيك {أَوْ أَكْنَنتُمْ} أضمرتم {فِي أَنفُسِكُمْ} من قصد نكاحهن {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} بالخطبة ولا تصبرون عنهن فأباح لكم التعريض {ولكن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} أي نكاحاً {إِلآ} لكن {أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} أي ما عرف شرعاً من التعريض فلكم ذلك {وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النكاح} أي على عقده {حتى يَبْلُغَ الكتاب} أي المكتوب من العدّة {أَجَلَهُ} بأن ينتهي {واعلموا أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ} من العزم وغيره {فاحذروه} أن يعاقبكم إذا عزمتم {واعلموا أَنَّ الله غَفُورٌ} لمن يحذره {حَلِيمٌ} بتأخيره العقوبة عن مستحقها.


.تفسير الآية رقم (236):
{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)}
{لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النساء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} وفي قراءة {تُماسُّوهُنَّ} أي تجامعوهن {أَوْ} لم {تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} مهراً و(ما) مصدرية ظرفية أي لا تَبِعَة عليكم في الطلاق- زمن عدم المسيس والفرض- بإثم ولا مهر فطلقوهن {وَمَتِّعُوهُنَّ} أعطوهن ما يتمتعن به {عَلَى الموسع} الغني منكم {قَدَرُهُ وَعَلَى المقتر} الضيق الرزق {قَدَرُهُ} يفيد أنه لا نظر إلى قدر الزوجة {متاعا} تمتيعاً {بالمعروف} شرعاً صفة (متاعاً) {حَقّاً} صفة ثانية أو مصدر مؤكِّد {عَلَى المحسنين} المطيعين.
.تفسير الآية رقم (237):
{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)}
{وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} يجب لهن ويرجع لكم النصف {إِلا} لكن {أَن يَعْفُونَ} أي الزوجات فيتركنه {أَوْ يَعْفُوَاْ الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} وهو الزوج فيترك لها الكل وعن ابن عباس: الولي إذا كانت محجورة فلا حرج في ذلك {وَأَن تَعْفُواْ} مبتدأ خبره {أَقْرَبُ للتقوى وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ} أي أن يتفضل بعضكم على بعض {إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم به.
.تفسير الآية رقم (238):
{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)}
{حافظوا عَلَى الصلوات} الخمس بأدائها في أوقاتها {والصلاة الْوُسْطَى} هي العصر أو الصبح أو الظهر أو غيرها أقوال وأفردها بالذكر لفضلها {وَقُومُواْ لِلَّهِ} في الصلاة {قانتين} قيل مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم «كل قنوت في القرآن فهو طاعة» رواه أحمد وغيره، وقيل ساكتين لحديث زيد بن أرقم: «كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام» رواه الشيخان.
.تفسير الآية رقم (239):
{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)}
{فَإِنْ خِفْتُمْ} من عدو أو سيل أو سبع {فَرِجَالاً} جمع (راجل) أي مشاة صلّوا {أَوْ رُكْبَانًا} جمع (راكب) أي كيف أمكن مستقبلي القبلة أو غيرها ويومئ بالركوع والسجود {فَإِذَا أَمِنتُمْ} من الخوف {فاذكروا الله} أي صلّوا {كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} قبل تعليمه من فرائضها وحقوقها والكاف بمعنى (مثل) و(ما) مصدرية أو موصولة.
.تفسير الآية رقم (240):
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)}
{والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أزواجا} فليوصوا {وَصِيَّةً} وفي قراءة بالرفع، أي عليهم {لأَزْوَاجِهِم} وليعطوهن {متاعا} ما يتمتعن به من النفقة والكسوة {إلى} تمام {الحول} من موتهم الواجب عليهن تربصه {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} حال أي غير مخرجات من مسكنهن {فَإِنْ خَرَجْنَ} بأنفسهن {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} يا أولياء الميت {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ} شرعاً كالتزين وترك الإحداد وقطع النفقة عنها {والله عَزِيزٌ} في ملكه {حَكِيمٌ} في صنعه والوصية المذكورة منسوخة بآية الميراث وتربص الحول بآية أربعة أشهر وعشر السابقة المتأخرة في النزول والسكنى ثابتة عند الشافعي رحمه الله.
.تفسير الآية رقم (241):
{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241)}
{وللمطلقات متاع} يُعْطَيْنَه {بالمعروف} بقدر الإمكان {حَقّاً} نُصِبَ بفعله المقدر {عَلَى المتقين} الله تعالى كرره ليعم الممسوسة أيضاً إذ الآية السابقة في غيرها.
.تفسير الآية رقم (242):
{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)}
{كذلك} كما يبين لكم ما ذكر {يُبَيّنُ الله لَكُمْ ءاياته لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} تتدبرون.
.تفسير الآية رقم (243):
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)}
{أَلَمْ تَرَ} استفهام تعجيب وتشويق إلى استماع ما بعده أي ألم ينته علمك {إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن ديارهم وَهُمْ أُلُوفٌ} أربعة أو ثمانية أو عشرة أو ثلاثون أو أربعون أو سبعون ألفاً {حَذَرَ الموت} مفعول له وهم قوم من بني إسرائيل وقع الطاعون ببلادهم ففروا {فَقَالَ لَهُمُ الله مُوتُواْ} فماتوا {ثُمَّ أحياهم} بعد ثمانية أيام أو أكثر بدعاء نبيهم حزقيل بكسر المهملة والقاف وسكون الزاي فعاشوا دهراً عليهم أثر الموت لا يلبسون ثوباً إلا عاد كالكفن واستمرت في أسباطهم {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} ومنه إحياء هؤلاء {ولكن أَكْثَرَ الناس} وهم الكفار {لاَ يَشْكُرُونَ} والقصد من ذكر خبر هؤلاء تشجيع المؤمنين على القتال ولذا عطف عليه.
.تفسير الآية رقم (244):
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244)}
{وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله} أي لإعلاء دينه {واعلموا أَنَّ الله سَمِيعٌ} لأقوالكم {عَلِيمٌ} بأحوالكم فمجازيكم.
.تفسير الآية رقم (245):
{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245)}
{مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله} بإنفاق ماله في سبيل الله {قَرْضًا حَسَنًا} بأن ينفقه لله عز وجل عن طيب قلب {فَيُضَاعِفَهُ} وفي قراءة {فيضّعفه} بالتشديد {لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} من عشر إلى أكثر من سبعمائة كما سيأتي {والله يَقْبِضُ} يمسك الرزق عمن يشاء ابتلاء {وَيَبْسُطُ} يوسعه لمن يشاء امتحاناً {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} في الآخرة بالبعث فيجازيكم بأعمالكم.
.تفسير الآية رقم (246):
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)}
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الملإ} الجماعة {مِن بَنِى إِسْرءيلَ مِن بَعْدِ} موت {موسى} أي إلى قصتهم وخبرهم {إِذْ قَالُواْ لِنَبِىّ لَّهُمُ} هو شمويل {ابعث} أقم {لَنَا مَلِكًا نقاتل} معه {فِي سَبِيلِ الله} تنتظم به كلمتنا ونرجع إليه {قَالَ} النبي لهم {هَلْ عَسَيْتُمْ} بالفتح والكسر {إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال أ} ن {لا تقاتلوا} خبر (عسى) والاستفهام لتقرير التوقع بها {قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نقاتل فِي سَبِيلِ الله وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن ديارنا وَأَبْنَائِنَا} بسببهم وقتلهم، وقد فَعَلَ بهم ذلك قوم جالوت أي لا مانع لنا منه مع وجود مقتضيه قال تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ القتال تَوَلَّوْاْ} عنه وجبنوا {إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ} وهم الذين عبروا النهر مع طالوت كما سيأتي {والله عَلِيمٌ بالظالمين} فمجازيهم وسأل النبي ربه إرسال مَلِكٍ فأجابه إلى إرسال طالوت.
.تفسير الآية رقم (247):
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)}
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ الله قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُواْ أنى} كيف {يَكُونُ لَهُ الملك عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بالملك مِنْهُ} لأنه ليس من سبط المملكة ولا النبوة وكان دباغاً أو راعياً {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مّنَ المال} يستعين بها على إقامة الملك {قَالَ} النبي لهم {إِنَّ الله اصطفاه} اختاره للملك {عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً} سعة {فِي العلم والجسم} وكان أعلم بني إسرائيل يومئذ وأجملهم وأتمهم خَلْقاً {والله يُؤْتِى مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ} إيتاءه لا اعتراض عليه {والله واسع} فضله {عَلِيمٌ} بمن هو أهل له.
.تفسير الآية رقم (248):
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)}
{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ} لما طلبوا منه آية على ملكه {إِنَّ ءايَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ} الصندوق كان فيه صور الأنبياء أنزله الله على آدم واستمر إليهم فغلبتهم العمالقة عليه وأخذوه وكانوا يستفتحون به على عدوّهم ويقدّمونه في القتال ويسكنون إليه كما قال تعالى: {فِيهِ سَكِينَةٌ} طمأنينة لقلوبكم {مِنْ رَّبّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مّمَّا تَرَكَ ءالُ موسى وَءالُ هارون} أي تركاه هما وهي نعلا موسى وعصاه وعمامة هارون وقفيز من المنّ الذي كان ينزل عليهم ورُضاض من الألواح {تَحْمِلُهُ الملائكة} حال من فاعلـ (يأتيكم) {إِنَّ فِي ذلك لأَيَةً لَّكُمْ} على ملكه {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فحملته الملائكة بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت فأقرّوا بملكه وتسارعوا إلى الجهاد فاختار من شبابهم سبعين ألفاً.
.تفسير الآية رقم (249):
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)}
{فَلَمَّا فَصَلَ} خرج {طَالُوتُ بالجنود} من بيت المقدس وكان حرّاً شديداً وطلبوا منه الماء {قَالَ إِنَّ الله مُبْتَلِيكُم} مختبركم {بِنَهَرٍ} ليظهر المطيع منكم والعاصي وهو بين الأردن وفلسطين {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ} أي من مائه {فَلَيْسَ مِنّي} أي من أتباعي {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ} يذقه {فَإِنَّهُ مِنّى إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً} بالفتح والضم {بِيَدِهِ} فاكتفى بها ولم يزد عليها فإنه مني {فَشَرِبُواْ مِنْهُ} لما وافوه بكثرة {إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ} فاقتصروا على الغرفة، روي أنها كفتهم لشربهم ودوابهم وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً {فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ والَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ} وهم الذين اقتصروا على الغرفة {قَالُواْ} أي الذين شربوا {لاَ طَاقَةَ} قوة {لَنَا اليوم بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ} أي بقتالهم وجبنوا ولم يجاوزوه {قَالَ الذين يَظُنُّونَ} يوقنون {أَنَّهُم مُلاَقُواْ الله} بالبعث وهم الذين جاوزوه {كَمْ} خبرية بمعنى (كثير) {مّن فِئَةٍ} جماعة {قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذُنِ الله} بإرادته {والله مَعَ الصابرين} بالعون والنصر.
.تفسير الآية رقم (250):
{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)}
{وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} أي ظهروا لقتالهم وتصافّوا {قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ} اصبب {عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا} بتقوية قلوبنا على الجهاد {وانصرنا عَلَى القوم الكافرين}.
.تفسير الآية رقم (251):
{فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}
{فَهَزَمُوهُم} كسروهم {بِإِذُنِ الله} بإرادته {وَقَتَلَ دَاوُودُ} وكان في عسكر طالوت {جَالُوتَ وءاتاه} أي داود {الله الملك} في بني إسرائيل {والحكمة} والنبوّة بعد موت شمويل وطالوت ولم يجتمعا لأحد قبله {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء} كصنعة الدروع ومنطق الطير {وَلَوْلاَ دَفْعُ الله الناس بَعْضَهُم} بدل بعض من (الناس) {بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرض} بغلبة المشركين وقتل المسلمين وتخريب المساجد {ولكن الله ذُو فَضْلٍ عَلَى العالمين} فدفع بعضهم ببعض.
.تفسير الآية رقم (252):
{تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)}
{تِلْكَ} هذه الآيات {ءايات الله نَتْلُوهَا} نقصها {عَلَيْكَ} يا محمد {بالحق} بالصدق {وَإِنَّكَ لَمِنَ المرسلين} التأكيد بـ (إنّ) وغيرها ردّا لقول الكفار له {لست مرسلاً}.
.تفسير الآية رقم (253):
{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)}
{تِلْكَ} مبتدأ {الرسل} صفة والخبر {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} بتخصيصه بمنقبة ليست لغيره {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ الله} كموسى {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ} أي محمداً صلى الله عليه وسلم {درجات} على غيره بعموم الدعوة وختم النبوّة وتفضيل أمته على سائر الأمم والمعجزات المتكاثرة والخصائص العديدة {وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابن مَرْيَمَ البينات وأيدناه} قوّيناه {بِرُوحِ القدس} جبريل يسير معه حيث سار {وَلَوْ شآءَ الله} هُدىَ الناس جميعاً {مَا اقتتل الذين مِن بَعْدِهِم} بعد الرسل أي أممهم {مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينات} لاختلافهم وتضليل بعضهم بعضاً {ولكن اختلفوا} لمشيئته ذلك {فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ} ثبت على إيمانه {وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ} كالنصارى بعد المسيح {وَلَوْ شَآءَ الله مَا اقتتلوا} تأكيد {ولكن الله يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} من توفيق من شاء وخذلان من شاء.

کوئی تبصرے نہیں:

ایک تبصرہ شائع کریں

مکمل دروس عقیدہ طحآویہ

عقیدہ طحاویہ کے مکمل دروس