جمعہ، 11 اگست، 2017

سورۃ بقرۃ جلالین حصہ چہارم

تفسير الآية رقم (187):
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)}
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث} بمعنى الإفضاء {إلى نِسَائِكُمْ} بالجماع، نزل نسخاً لما كان في صدر الإسلام من تحريمه وتحريم الأكل والشرب بعد العشاء {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} كناية عن تعانقهما أو احتياج كل منهما إلى صاحبه {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ} تخونون {أَنفُسَكُمْ} بالجماع ليلة الصيام وقع ذلك لعمر وغيره واعتذروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} قبل توبتكم {وَعَفَا عَنكُمْ فالئان} إذ أُحل لكم {باشروهن} جامعوهن {وابتغوا} اطلبوا {مَا كَتَبَ الله لَكُمْ} أي أباحه من الجماع أو قدره من الولد {وَكُلُواْ واشربوا} الليل كله {حتى يَتَبَيَّنَ} يظهر {لَكُمُ الخيط الأبيض مِنَ الخيط الأسود مِنَ الفجر} أي الصادق بيان للخيط الأبيض وبيان الأسود محذوف أي من الليل شُبِهَ ما يبدو من البياض وما يمتد معه من الغبش بخيطين أبيض وأسود في الامتداد {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام} من الفجر {إلىليل} أي إلى دخوله بغروب الشمس {وَلاَ تباشروهن} أي نساءكم {وَأَنتُمْ عاكفون} مقيمون بنيّة الاعتكاف {فِي المساجد} متعلق (بعاكفون) نهيٌ لمن كان يخرج وهو معتكف فيجامع امرأته ويعود {تِلْكَ} الأحكام المذكورة {حُدُودُ الله} حدّها لعباده ليقفوا عندها {فَلاَ تَقْرَبُوهَا} أبلغ من (لا تعتدوها) المعبر به في آية أخرى {كذلك} كما بيَّن لكم ما ذكر {يُبَيّنُ الله آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} محارمه.
.تفسير الآية رقم (188):
{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)}
{وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُم} أي يأكل بعضكم مال بعض {بالباطل} الحرام شرعاً كالسرقة والغصب {وَ} لا {تُدْلُوا} تلقوا {بِهَا} أي بحكومتها أو بالأموال رشوة {إِلَى الحكام لِتَأْكُلُواْ} بالتحاكم {فَرِيقاً} طائفة {مّنْ أَمْوَالِ الناس} متلبسين {بالإثم وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنكم مبطلون.
.تفسير الآية رقم (189):
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)}
{يَسْأَلُونَكَ} يا محمد {عَنِ الأهلة} جمع (هلال) لِم تبدو دقيقة ثم تزيد حتى تمتلئ نوراً ثم تعود كما بدت ولا تكون على حالة واحدة كالشمس؟ {قُلْ} لهم {هِىَ مَوَاقِيتُ} جمع (ميقات) {لِلنَّاسِ} يعلمون بها أوقات زرعهم ومتاجرهم وعدد نسائهم وصيامهم وإفطارهم {والحج} عطف على (الناس) أي يعلم بها وقته فلو استمرت على حالة لم يعرف ذلك {وَلَيْسَ البر بِأَن تَأْتُواْ البيوت مِن ظُهُورِهَا} في الإحرام بأن تنقبوا فيها نقبا تدخلون منه وتخرجون وتتركوا الباب وكانوا يفعلون ذلك ويزعمونه براً {ولكن البر} أي ذا البر {مَنِ اتقى} الله بترك مخالفته {وَأْتُواْ البيوت مِنْ أبوابها} في الإحرام كغيره {واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} تفوزون.
.تفسير الآية رقم (190):
{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)}
ولما صُدّ صلى الله عليه وسلم عن البيت عام الحديبية وصالح الكفار على أن يعود العام القابل ويُخلوا له مكة ثلاثة أيام وتجهز لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش ويقاتلوهم وكره المسلمون قتالهم في الحرم والإحرام والشهر الحرام نزل: {وقاتلوا فِي سَبِيلِ الله} أي لإعلاء دينه {الذين يقاتلونكم} الكفار {وَلاَ تَعْتَدُواْ} عليهم بالابتداء بالقتال {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المعتدين} المتجاوزين ما حدّ لهم وهذا منسوخ بآية (براءة) وبقوله:
.تفسير الآية رقم (191):
{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)}
{واقتلوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} وجدتموهم {وَأَخْرِجُوهُمْ مّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} أي من مكة وقد فعل بهم ذلك عام الفتح {والفتنة} الشرك منهم {أَشَدُّ} أعظم {مِنَ القتل} لهم في الحرم أو الإحرام الذي استعظمتموه {وَلاَ تقاتلوهم عِندَ المسجد الحرام} أي في الحرم {حتى يقاتلوكم فِيهِ فَإِن قاتلوكم} فيه {فاقتلوهم}، فيه وفي قراءة بلا ألف في الأفعال الثلاثة [ولا تقتلوهم، حتى يقتلوكم، فإن قتلوكم] {كذلك} القتل والإخراج {جَزَاءُ الكافرين}.
.تفسير الآية رقم (192):
{فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)}
{فَإِنِ انْتَهَوْاْ} عن الكفر وأسلموا {فَإِنَّ الله غَفُورٌ} لهم {رَّحِيمٌ} بهم.
.تفسير الآية رقم (193):
{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}
{وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ} توجد {فِتْنَةٌ} شرك {وَيَكُونَ الدّينُ} العبادة {لِلَّهِ} وحده لا يعبد سواه، {فَإِنِ انْتَهَوْاْ} عن الشرك فلا تعتدوا عليهم دل على هذا {فَلاَ عدوان} اعتداء بقتل أو غيره {إِلاَّ عَلَى الظالمين} ومن انتهى فليس بظالم فلا عدوان عليه.
.تفسير الآية رقم (194):
{الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)}
{الشهر الحرام} المحرّم مقابل {بالشهر الحرام} فكما قاتلوكم فيه فاقتلوهم في مثله ردّ لاستعظام المسلمين ذلك {والحرمات} جمع (حرمة) ما يجب احترامه {قِصَاصٌ} أي يقتص بمثلها إذا انتهكت {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ} بالقتال في الحرم أو الإحرام أو الشهر الحرام {فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ} سمى مقابلته اعتداء لشبهها بالمقابَل به في الصورة {واتقوا الله} في الانتصار وترك الاعتداء {واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين} بالعون والنصر.
.تفسير الآية رقم (195):
{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)}
{وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله} طاعته بالجهاد وغيره {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ} أي أنفسكم والباء زائدة {إِلَى التهلكة} الهلاك بالإمساك عن النفقة في الجهاد أو تركه لأنه يقوي العدو عليكم {وَأَحْسِنُواْ} بالنفقة وغيرها {إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} أي يثيبهم.
.تفسير الآية رقم (196):
{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)}
{وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة لِلَّهِ} أَدُّوهما بحقوقهما {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} منعتم عن إتمامهما بعدوِّ {فَمَا استيسر} تيسر {مِنَ الهدى} عليكم وهو شاة {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءوسَكُمْ} أي لا تتحللوا {حتى يَبْلُغَ الهدى} المذكور {مَحِلَّهُ} حيث يحل ذبحه وهو مكان الإحصار عند الشافعي فيذبح فيه بنية التحلل ويفرق على مساكينه ويحلق وبه يحصل التحلل {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ} كقمل وصداع فحلق في الإحرام {فَفِدْيَةٌ} عليه {مّن صِيَامٍ} لثلاثة أيام {أَوْ صَدَقَةٍ} بثلاثة آصُع من غالب قوت البلد على ستة مساكين {أَوْ نُسُكٍ} أي ذبح شاة و(أو) للتخيير وألحق به من حلق لغير عذر لأنه أولى بالكفارة وكذا من استمتع بغير الحلق كالطيب واللبس والدهن لعذر أو غيره {فَإِذَا أَمِنتُمْ} العدو بأن ذهب أو لم يكن {فَمَن تَمَتَّعَ} استمتع {بالعمرة} أي بسبب فراغه منها بمحظورات الإحرام {إِلَى الحج} أي إلى الإحرام به بأن يكون أحرم بها في أشهره {فَمَا استيسر} تيسر {مِنَ الهدى} عليه وهو شاة يذبحها بعد الإحرام به والأفضل يوم النحر {فَمَن لَّمْ يَجِدْ} الهدي لفقده أو فقد ثمنه {فَصِيَامُ} أي فعليه صيام {ثلاثة أَيَّامٍ فِي الحج} أي في حال الإحرام به فيجب حينئذ أن يحرم قبل السابع من ذي الحجة والأفضل قبل السادس لكراهة صوم يوم عرفة ولا يجوز صومها أيام التشريق على أصح قولي الشافعي {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} إلى وطنكم مكة أو غيرها وقيل إذا فرغتم من أعمال الحج وفيه التفات عن الغيبة {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} جملة تأكيد لما قبلها {ذلك} الحكم المذكور من وجوب الهدي أو الصيام على من تمتع {لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى المسجد الحرام} بأن لم يكونوا على دون مرحلتين من الحرم عند الشافعي فإن كان، فلا دم عليه ولا صيام وإن تمتع وفي ذكر (الأهل) إشعار بإشتراط الاستيطان فلو أقام قبل أشهر الحج ولم يستوطن وتمتع فعليه ذلك وهو أحد وجهين عند الشافعي والثاني لا والأهل كناية عن النفس وألحق بالمتمتع فيما ذكر بالسنة القارن وهو من أحرم بالعمرة والحج معاً أو يدخل الحج عليها قبل الطواف {واتقوا الله} فيما يأمركم به وينهاكم عنه {واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب} لمن خالفه.
.تفسير الآية رقم (197):
{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)}
{الحج} وقته {أَشْهُرٌ معلومات} شوّال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة وقيل كله {فَمَن فَرَضَ} على نفسه {فِيهِنَّ الحج} بالإحرام به {فَلاَ رَفَثَ} جماع فيه {وَلاَ فُسُوقَ} معاصٍ {وَلاَ جِدَالَ} خصام {فِي الحج} وفي قراءة بفتح الأولين والمراد في الثلاثة النهي {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ} كصدقة {يَعْلَمْهُ الله} فيجازيكم به، ونزل في أهل اليمن وكانوا يحجون بلا زاد فيكونون كَلاًّ على الناس: {وَتَزَوَّدُواْ} ما يبلغكم لسفركم {فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى} ما يُتَّقى به سؤال الناس وغيره {واتقون ياأولي الألباب} ذوي العقول.
.تفسير الآية رقم (198):
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)}
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} في {أَن تَبْتَغُواْ} تطلبوا {فَضْلاً} رزقاً {مّن رَّبّكُمْ} بالتجارة في الحج نزل رداً لكراهتهم ذلك {فَإِذَا أَفَضْتُم} دفعتم {مِّنْ عرفات} بعد الوقوف بها {فاذكروا الله} بعد المبيت بمزدلفة بالتلبية والتهليل والدعاء {عِندَ المشعر الحرام} هو جبل في آخر المزدلفة يقال له (قُزَح) وفي الحديث «أنه صلى الله عليه وسلم وقف به يذكر الله ويدعو حتى أسفر جداً» رواه مسلم {واذكروه كَمَا هَدَاكُمْ} لمعالم دينه ومناسك حجه والكاف للتعليل {وَإن} مخففة {كُنتُمْ مّن قَبْلِهِ} قبل هداه {لَمِنَ الضالين}.
.تفسير الآية رقم (199):
{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)}
{ثُمَّ أَفِيضُواْ} يا قريش {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس} أي من عرفة بأن تقفوا بها معهم وكانوا يقفون بالمزدلفة ترفعاً عن الوقوف معهم و(ثم) للترتيب في الذكر {واستغفروا الله} من ذنوبكم {إن الله غَفُورٌ} للمؤمنين {رَّحِيمٌ} بهم.
.تفسير الآية رقم (200):
{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200)}
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ} أديتم {مناسككم} عبادات حجكم بأن رميتم جمرة العقبة وطفتم واستقررتم بمنى {فاذكروا الله} بالتكبير والثناء {كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ} كما كنتم تذكرونهم عند فراغ حجكم بالمفاخرة {أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} من ذكركم إياهم ونُصِبـ (أشدّ) على الحال من (ذكراً) المنصوبـ (باذكروا) إذ لو تأخر عنه لكان صفة له {فَمِنَ الناس مَن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا} نصيبنا {فِي الدنيا} فيؤتاه فيها {وَمَا لَهُ فِي الأخرة مِنْ خلاق} نصيب.
.تفسير الآية رقم (201):
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)}
{وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا ءاتِنَا فِي الدنيا حَسَنَةً} نعمة {وَفِي الأخرة حَسَنَةً} هي الجنة {وَقِنَا عَذَابَ النار} بعدم دخولها. وهذا بيان لما كان عليه المشركون ولحال المؤمنين والقصد به الحث على طلب خير الدارين كما وعد بالثواب عليه بقوله

.تفسير الآية رقم (202):
{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (202)}
{أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ} ثواب {مِ} نْ أجل {عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ} عملوا من الحج والدعاء {والله سَرِيعُ الحساب} يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك.
.تفسير الآية رقم (203):
{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
{واذكروا الله} بالتكبير عند رمي الجمرات {فِي أَيَّامٍ معدودات} أي أيام التشريق الثلاثة {فَمَن تَعَجَّلَ} أي استعجل بالنفر من منى {فِي يَوْمَيْنِ} أي في ثاني أيام التشريق بعد رمي جماره {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} بالتعجيل {وَمَن تَأَخَّرَ} بها حتى بات ليلة الثالث ورمى جماره {فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} بذلك أي هم مخيرون في ذلك ونفي الإثم {لِمَنِ اتقى} الله في حجه لأنه الحاج في الحقيقة {واتقوا الله واعلموا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم.
.تفسير الآية رقم (204):
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204)}
{وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحياة الدنيا} ولا يعجبك في الآخرة لمخالفته لاعتقاده {وَيُشْهِدُ الله على مَا فِي قَلْبِهِ} أنه موافق لقوله: {وَهُوَ أَلَدُّ الخصام} شديد الخصومة لك ولأتباعك لعداوته لك وهو الأخْنَسُ بن شريق كان منافقا حلو الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم يحلف أنه مؤمن به ومحبّ له فَيدْنَي مَجلِسهُ فأكذبه الله في ذلك ومر بزرع وحُمُرِ لبعض المسلمين فأحرقه وعقرها ليلاً كما قال تعالى.
.تفسير الآية رقم (205):
{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)}
{وَإِذَا تولى} انصرف عنك {سعى} مشى {فِي الأرض لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحرث والنسل} من جملة الفساد {والله لاَ يُحِبُّ الفساد} أي لا يرضى به.
.تفسير الآية رقم (206):
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)}
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتق الله} في فعلك {أَخَذَتْهُ العزة} حملته الأنَفَةُ والحمية على العمل {بالإثم} الذي أمر باتقائه {فَحَسْبُهُ} كافيه {جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ المهاد} الفراش هي.
.تفسير الآية رقم (207):
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)}
{وَمِنَ الناس مَن يَشْرِى} يبيع {نَفْسَهُ} أي يبذلها في طاعة الله {ابتغاء} طلب {مَرْضَاتِ الله} رضاه، وهو (صهيب) لما آذاه المشركون هاجر إلى المدينة وترك لهم ماله {والله رَءوفٌ بالعباد} حيث أرشدهم لِمَا فيه رضاه.
.تفسير الآية رقم (208):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)}
ونزل في عبد الله بن سلام وأصحابه لما عظموا السبت وكرهوا الإبل بعد الإسلام {ياأيها الذين ءامَنُواْ ادخلوا فِي السلم} بفتح السين وكسرها الإسلام {كَافَّةً} حال من (السلم) أي في جميع شرائعه {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خطوات} طرق {الشيطان} أي تزيينه بالتفريق {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} بيِّن العداوة.
.تفسير الآية رقم (209):
{فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)}
{فَإِن زَلَلْتُمْ} ملتم عن الدخول في جميعه {مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ البينات} الحجج الظاهرة على أنه حق {فاعلموا أَنَّ الله عَزِيزٌ} لا يعجزه شيء عن انتقامه منكم {حَكِيمٌ} في صنعه.
.تفسير الآية رقم (210):
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)}
{هَلْ} ما {يَنظُرُونَ} ينتظر التاركون الدخول فيه {إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله} أي أمره كقوله: {أو يأتي أمر ربك} [33: 16] أي عذابه {فِي ظُلَلٍ} جمع (ظلة) {مِّنَ الغمام} السحاب {والملائكة وَقُضِىَ الأمر} تمَّ أمر هلاكهم، {وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور} بالبناء للمفعولـ (تُرجَع) والفاعلـ (تَرجِع) في الآخرة فيجازي كلا بعمله.
.تفسير الآية رقم (211):
{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)}
{سَلْ} يا محمد {بَنِى إسراءيل} تبكيتاً {كَمْ ءاتيناهم} (كم) استفهامية معلقة (سل) عن المفعول الثاني وهي ثاني مفعولي آتينا ومميزها {مّنْ ءَايَةٍ بَيّنَةٍ} ظاهرة كفلق البحر وإنزال المنّ والسلوى فبَّدلوها كفراً {وَمَن يُبَدّلْ نِعْمَةَ الله} أي ما أنعم به عليه من الآيات لأنها سبب الهداية {مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ} كفراً {فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب} له.
.تفسير الآية رقم (212):
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212)}
{زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} من أهل مكة {الحياوة الدُّنْيَا} بالتمويه فأحبوها {وَ} هم {يَسْخَرون منا لذين ءَامنُواْ} لفقرهم كبلال وعمار وصهيب أي يستهزئون بهم ويتعالون عليهم بالمال {والذين اتقوا} الشرك وهم هؤلاء {فَوْقَهُمْ يَوْمَ القيامة والله يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي رزقاً واسعاً في الآخرة أو الدنيا بأن يُمَلِّك المسخور منهم أموال الساخرين ورقابهم.
.تفسير الآية رقم (213):
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)}
{كَانَ الناس أُمَّةً واحدة} على الإيمان فاختلفوا بأن آمن بعض وكفر بعض {فَبَعَثَ الله النبيين} إليهم {مُبَشّرِينَ} من آمن بالجنة {وَمُنذِرِينَ} من كفر بالنار {وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب} بمعنى الكتب {بالحق} متعلق (بأنزل) {لِيَحْكُمَ} به {بَيْنَ الناس فِيمَا اختلفوا فِيهِ} من الدين {وَمَا اختلف فِيهِ} أي الدين {إِلاَّ الذين أُوتُوهُ} أي الكتاب فآمن بعض وكفر بعض {مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البينات} الحجج الظاهرة على التوحيد (ومن) متعلقة (باختلف) وهي وما بعدها مقدّم على الاستثناء في المعنى {بَغِيّاً} من الكافرين {بَيْنَهُمْ فَهَدَى الله الذين ءَامَنُواْ لِمَا اختلفوا فِيهِ مِنَ} للبيان {الحق بِإِذْنِهِ} بإرادته {والله يَهْدِى مَن يَشَاءُ} هدايته {إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} طريق الحق.
.تفسير الآية رقم (214):
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}
ونزل في جَهْدٍ أصاب المسلمين {أَمْ} بل أ {حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا} لم {يَأْتِكُم مَّثَلُ} شبه ما أتى {الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم} من المؤمنين من المحن فتصبروا كما صبروا {مَسَّتْهُمْ} جملة مستأنفة مبينة ما قبلها {البأساء} شدّة الفقر {والضراء} المرض {وَزُلْزِلُواْ} أُزعجوا بأنواع البلاء {حتى يَقُولَ} بالنصب والرفع أي قال {الرسول والذين ءامَنُواْ مَعَهُ} استبطاء للنصر لتناهي الشدّة عليهم {متى} يأتي {نَصْرُ الله} الذي وُعِدْناه فأجيبوا من قبل الله {أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ} إتيانه.
.تفسير الآية رقم (215):
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}
{يَسْئَلُونَكَ} يا محمد صلى الله عليه وسلم {مَاذَا يُنفِقُونَ} أي الذي ينفقونه والسائل عمرو بن الجموح وكان شيخا ذا مال فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ماذا ينفق وعلى من ينفق؟ {قُلْ} لهم {مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ} بيان لـ (ما) شامل للقليل والكثير وفيه بيان المُنْفَق الذي هو أحد شقي السؤال وأجاب عن المصرف الذي هو الشق الآخر بقوله: {فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل} أي هم أولى به {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ} إنفاق أو غيره {فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} فمجاز عليه.
.تفسير الآية رقم (216):
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}
{كتاب} فرض {عَلَيْكُمُ القتال} للكفار {وَهُوَ كُرْهٌ} مكروه {لَّكُمْ} طبعاً لمشقته {وعسى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وعسى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} لميل النفس إلى الشهوات الموجبة لهلاكها ونفورها عن التكليفات الموجبة لسعادتها فلعل لكم في القتال- وإن كرهتموه- خيراً لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والأجر وفي تركه- وإن أحبتموه- شراً لأن فيه الذل والفقر وحرمان الأجر {والله يَعْلَمُ} ما هو خير لكم {وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ذلك فبادروا إلى ما يأمركم به.
.تفسير الآية رقم (217):
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)}
وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم أوّل سراياه وعليها عبد الله بن جحش فقاتلوا المشركين وقتلوا ابن الحضرمي آخر يوم من جمادى الآخرة والتبس عليهم برجب فعيرهم الكفار باستحلاله فنزل {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام} المحرم {قِتَالٍ فِيهِ} بدل اشتمال {قُلْ} لهم {قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} عظيم وزراً مبتدأ وخبر {وَصَدٌّ} مبتدأ منع للناس {عَن سَبِيلِ الله} دينه {وَكُفْرٌ بِهِ} بالله {وَ} صدّ عن {مّنَ المسجد الحرام} أي مكة {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} وهم النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، وخبر المبتدأ {أَكْبَرُ} أعظم وزراً {عِندَ الله} من القتال فيه {والفتنة} الشرك منكم {أَكْبَرُ مِنَ القتل} لكم فيه {وَلاَ يَزَالُونَ} أي الكفار {يقاتلونكم} أيها المؤمنون {حتى} كي {يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ} إلى الكفر {إِنِ استطاعوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فأولئك حَبِطَتْ} بَطَلَتْ {أعمالهم} الصالحة {فِي الدنيا والأخرة} فلا اعتداد بها ولا ثواب عليها والتقييد بالموت عليها يفيد أنه لو رجع إلى الإسلام لم يبطل عمله فيثاب عليه ولا يعيده كالحج مثلاً، وعليه الشافعي {وأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون}.
.تفسير الآية رقم (218):
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}
ولما ظن السرية أنهم إن سلموا من الإثم فلا يحصل لهم أجر نزل {إِنَّ الذين ءَامَنُواْ والذين هَاجَرُواْ} فارقوا أوطانهم {وجاهدوا فِي سَبِيلِ الله} لإعلاء دينه {أولئك يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله} ثوابه {والله غَفُورٌ} للمؤمنين {رَّحِيمٌ} بهم.
.تفسير الآية رقم (219):
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)}
{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الخمر والميسر} القمار ما حكمهما؟ {قُلْ} لهم {فِيهِمَآ} أي في تعاطيهما {إِثْمٌ كَبِيرٌ} عظيم، وفي قراءة {كثير} بالمثلثة لما يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش {ومنافع لِلنَّاسِ} باللذة والفرح في الخمر وإصابة المال بلا كدّ في الميسر {وَإِثْمُهُمَآ} أي ما ينشأ عنهما من المفاسد {أَكْبَرُ} أعظم {مِن نَّفْعِهِمَا} ولما نزلت شربها قوم وامتنع آخرون إلى أن حرمتها آية [المائدة: 90] {وَ يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} أي ما قدره {قُلْ} أنفقوا {العفو} أي الفاضل عن الحاجة ولا تنفقوا ما تحتاجون إليه وتضيعوا أنفسكم وفي قراءة بالرفع بتقدير هو {كذلك} أي كما بُيِّنَ لكم ما ذكر {يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الأيات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}.
.تفسير الآية رقم (220):
{فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}
{فِي} أمر {الدنيا والأخرة} فتأخذون بالأصلح لكم فيهما {وَيَسْئَلُونَك عَنِ اليتاماى} وما يلقونه من الحرج في شأنهم فإن واكلوهم يأثموا وإن عزلوا ما لهم من أموالهم وصنعوا لهم طعاماً وحدهم فَحَرَج {قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ} في أموالهم بتنميتها ومداخلتكم {خَيْرٌ} من ترك ذلك {وَإِن تُخَالِطُوهُمْ} أي تخالطوا نفقتكم بنفقتهم {فَإِخوَانُكُمْ} أي فهم إخوانكم في الدين ومن شأن الأخ أن يخالط أخاه أي فلكم ذلك {والله يَعْلَمُ المفسد} لأموالهم بمخالطته {مِنَ المصلح} بها فيجازي كلاًّ منهما {وَلَوْ شَاءَ الله لأَعْنَتَكُمْ} لضيق عليكم بتحريم المخالطة {إِنَّ الله عَزِيزٌ} غالب على أمره {حَكِيمٌ} في صنعه.





کوئی تبصرے نہیں:

ایک تبصرہ شائع کریں

مکمل دروس عقیدہ طحآویہ

عقیدہ طحاویہ کے مکمل دروس