جمعہ، 11 اگست، 2017

بقرہ جلالین حصہ دوم


تفسير الآية رقم (105):
{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)}
{مَّا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب وَلاَ المشركين} من العرب عطف على {أهل الكتاب}، (ومن) للبيان، {أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ} زائدة {خَيْرٍ} وحي {مِّن رَّبّكُمْ} حسداً لكم {والله يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ} نبوّته {مَن يَشَاءُ والله ذُو الفضل العظيم}.
.تفسير الآية رقم (106):
{مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)}
ولما طعن الكفار في النسخ وقالوا إنّ محمداً يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غداً نزل: {مَا} شرطية {نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ} أي: نُزِلْ حكمها إما مع لفظها أو لا وفي قراءة بضم النون من أنسخ أي نأمرك أو جبريل بنسخها {أَوْ ننسها} نؤخرها فلانَزِلَ حكمها ونرفع تلاوتها أو نؤخرها في اللوح المحفوظ وفي قراءة بلا همز من النسيان: أي نُنْسِكها، أي نمحها من قلبك، وجواب الشرط {نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا} أنفع للعباد في السهولة أو كثرة الأجر {أَوْ مِثْلِهَا} في التكليف والثواب. {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} ومنه النسخ والتبديل والاستفهام للتقرير.
.تفسير الآية رقم (107):
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107)}
{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله لَهُ مُلْكُ السموات والأرض} يفعل فيهما ما يشاء {وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله} أي غيره {مِنْ} زائدة {وَلِيُّ} يحفظكم {وَلاَ نَصِيرٍ} يمنع عذابه عنكم إن أتاكم؟.
.تفسير الآية رقم (108):
{أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108)}
ونزل لما سأله أهل مكة أن يُوسِّعها ويجعل الصفا ذهباً {أَمْ} بل أ {تُرِيدُونَ أَن تَسْئَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ موسى} أي سأله قومه {مِن قَبْلُ} من قولهم {أرنا الله جهرة} وغير ذلك {وَمَن يَتَبَدَّلِ الكفر بالإيمان} أي يأخذه بدله بترك النظر في الآيات البينات واقتراح غيرها {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل} أخطأ الطريق الحق (والسواء) في الأصل الوسط.
.تفسير الآية رقم (109):
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}
{وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب لَوْ} مصدرية {يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إيمانكم كُفَّارًا حَسَدًا} مفعول له كائناً {مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} أي حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة {مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ} في التوراة {الحق} في شأن النبيّ {فاعفوا} عنهم أي اتركوهم {واصفحوا} أعرضوا فلا تجازوهم {حتى يَأْتِىَ الله بِأَمْرِهِ} فيهم من القتال {إِنَّ الله على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ}.
.تفسير الآية رقم (110):
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)}
{وَأَقِيمُواْ الصلاة وَءاتُواْ الزكواة وَمَا تُقَدّمُواْ لأَنْفُسِكُم مّنْ خَيْرٍ} طاعة كصلة وصدقة {تَجِدُوهُ} أي ثوابه {عِندَ الله إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم به.
.تفسير الآية رقم (111):
{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)}
{وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا} جمع (هائد) {أَوْ نصارى} قال ذلك يهود المدينة ونصارى نجران لما تناظروا بين يدي النبيّ صلى الله عليه وسلم أي قال اليهود لن يدخلها إلا اليهود وقال النصارى لن يدخلها إلا النصارى {تِلْكَ} القولة {أَمَانِيُّهُمْ} شهواتهم الباطلة {قُلْ} لهم {هَاتُواْ برهانكم} حجتكم على ذلك {إِن كُنتُمْ صادقين} فيه.
.تفسير الآية رقم (112):
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)}
{بلى} يدخل الجنة غيرهم {مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} أي انقاد لأمره وخص الوجه لأنه أشرف الأعضاء فغيره أولى {وَهُوَ مُحْسِنٌ} موحد {فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبّهِ} أي ثواب عمله الجنة {وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} في الآخرة.
.تفسير الآية رقم (113):
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)}
{وَقَالَتِ اليهود لَيْسَتِ النصارى على شَئ} معتدّ به وكفرت بعيسى {وَقَالَتِ النصارى لَيْسَتِ اليهود على شَئ} معتدّ به وكفرت بموسى {وَهُمْ} أي الفريقان {يَتْلُونَ الكتاب} المنزل عليهم وفي كتاب اليهود تصديق عيسى، وفي كتاب النصارى تصديق موسى والجملة حال {كذلك} كما قال هؤلاء {قَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} أي المشركون من العرب وغيرهم {مِّثْلَ قَوْلِهِمْ} بيان لمعنى (ذلك) أي قالوا لكل ذي دين ليسوا على شيء {فالله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين فيدخل المحق الجنة والمبطل النار.
.تفسير الآية رقم (114):
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)}
{وَمَنْ أَظْلَمُ} أي لا أحد أظلم {مِمَّن مَّنَعَ مساجد الله أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسمه} بالصلاة والتسبيح {وسعى فِي خَرَابِهَا} بالهدم أو التعطيل، نزلت إخباراً عن الروم الذين خربوا بيت المقدس أو في المشركين لما صدّوا النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية عن البيت {أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ} خبر بمعنى الأمر أي أخيفوهم بالجهاد فلا يدخلها أحد آمناً {لَهُمْ فِي الدنيا خِزْىٌ} هوان بالقتل والسبي والجزية {وَلَهُمْ فِي الأخرة عَذَابٌ عَظِيمٌ} هو النار.
.تفسير الآية رقم (115):
{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}
ونزل لما طعن اليهود في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت {وَلِلَّهِ المشرق والمغرب} أي الأرض كلها لأنهما ناحيتاها {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ} وجوهكم في الصلاة بأمره {فَثَمَّ} هناك {وَجْهُ الله} قبلته التي رضيها {إِنَّ الله واسع} يسع فضله كل شيء {عَلِيمٌ} بتدبير خلقه.
.تفسير الآية رقم (116):
{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)}
{وَقَالُواْ} بواو ودونها أي اليهود والنصارى ومن زعم أنّ الملائكة بنات الله {اتخذ الله وَلَدًا} قال تعالى: {سبحانه} تنزيها له عنه {بَل لَّهُ مَا فِي السموات والأرض} ملكاً وخلقاً وعبيداً والملكية تنافي الولادة وعبر بـ (ما) تغليبا لما لا يعقل {كُلٌّ لَّهُ قانتون} مطيعون كل بما يراد منه وفيه تغليب العاقل.
.تفسير الآية رقم (117):
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)}
{بَدِيعُ السموات والأرض} موجدهما لا على مثال سبق {وَإِذَا قضى} أراد {أمْراً} أي إيجاده {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} أي فهو يكون وفي قراءة بالنصب جواباً للأمر.
.تفسير الآية رقم (118):
{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)}
{وَقَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} أي كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم {لَوْلاَ} هلا {يُكَلّمُنَا الله} بأنك رسوله {أًوْ تَأْتِيَنَآ ءَايَةٌ} مما اقترحناه على صدقك {كذلك} كما قال هؤلاء {قَالَ الذين مِن قَبْلِهِم} من كفار الأمم الماضية لأنبيائهم {مِّثْلَ قَوْلِهِمْ} من التعنت وطلب الآيات {تشابهت قُلُوبُهُمْ} في الكفر والعناد، فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم {قَدْ بَيَّنَّا الآيات لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} يعلمون أنها آيات فيؤمنون فاقتراح آية معها تعنُّت.
.تفسير الآية رقم (119):
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}
{إِنَّا أرسلناك} يا محمد {بالحق} بالهدى {بَشِيراً} مَنْ أجاب إليه بالجنة {وَنَذِيرًا} مَنْ لم يجب إليه بالنار {وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أصحاب الجحيم} النار أي الكفار ما لهم لم يؤمنوا؟ إنما عليك البلاغ وفي قراءة {تسأل} بجزم (تُسْألْ) نهياً.
.تفسير الآية رقم (120):
{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)}
{وَلَن ترضى عَنكَ اليهود وَلاَ النصارى حتى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} دينهم {قُلْ إِنَّ هُدَى الله} أي الإسلام {هُوَ الهدى} وما عداه ضلال {وَلَئِنِ} لام قسم {اتبعت أَهْوَاءَهُم} التي يدعونك إليها فرضاً {بَعْدَ الذي جَاءكَ مِنَ العلم} الوحي من الله {مَا لَكَ مِنَ الله مِن وَلِيّ} يحفظك {وَلاَ نَصِيرٍ} يمنعك منه.
.تفسير الآية رقم (121):
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}
{الذين ءاتيناهم الكتاب} مبتدأ {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} أي يقرؤونه كما أنزل والجملة حالـ (وحقَّ) نُصِبَ على المصدر والخبر {أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} نزلت في جماعة قدموا من الحبشة وأسلموا {وَمن يَكْفُرْ بِهِ} أي بالكتاب المؤتى بأن يحرّفه {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم.
.تفسير الآية رقم (122):
{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122)}
{يابنى إسراءيل اذكروا نِعْمَتِى التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين} تقدّم مثله.
.تفسير الآية رقم (123):
{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)}
{واتقوا} خافوا {يَوْمًا لاَّ تَجْزِى} تغني {نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ} فيه {شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} فداء {وَلاَ تَنفَعُهَا شفاعة وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} يمنعون من عذاب الله.
.تفسير الآية رقم (124):
{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)}
{وَ} اذكر {إِذْ ابتلى} اختبر {إِبْرَاهِيمَ} وفي قراءة {إبراهام} {رَبُّهُ بكلمات} بأوامر ونواه كلَّفه بها قيل هي مناسك الحج وقيل المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وَفرْقُ الرأس وقَلْمُ الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان والاستنجاء {فَأَتَمَّهُنَّ} أدّاهن تامات {قَالَ} تعالى له: {إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا} قدوة في الدين {قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِى} أولادي اجعل أئمة {قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي} بالإمامة {الظالمين} الكافرين منهم دل على أنه ينال غير الظالم.
.تفسير الآية رقم (125):
{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)}
{وَإِذْ جَعَلْنَا البيت} الكعبة {مَثَابَةً لّلنَّاسِ} مرجعاً يثوبون إليه من كل جانب {وَأَمْناً} مأمناً لهم من الظلم والإغارات الواقعة في غيره كان الرجل يلقى قاتل أبيه فيه فلا يَهِيجُهُ {واتخذوا} أيها الناس {مِن مَّقَامِ إبراهيم} هو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت {مُصَلًّى} مكان صلاة بأن تصلوا خلفه ركعتي الطواف، وفي قراءة {واتخذوا} بفتح الخاء خبر {وَعَهِدْنَا إلى إبراهيم وإسماعيل} أمرناهما {أن} أي بأن {طَهّرَا بَيْتِىَ} من الأوثان {لِلطَّائِفِينَ والعاكفين} المقيمين فيه {والركع السجود} جمع راكع وساجد المصلين.
.تفسير الآية رقم (126):
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)}
{وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ اجعل هذا} المكان {بَلَدًا آمِنًا} ذا أمن وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرماً لا يسفك فيه دم إنسان ولا يُظْلَم فيه أحد ولا يُصَاد صيده ولا يُخْتَلَى خلاه {وارزق أَهْلَهُ مِنَ الثمرات} وقد فعل بنقلـ (الطائف) من الشام إليه وكان أقفر لا زرع فيه ولا ماء {مَنْ ءامَنَ مِنْهُم بالله واليوم الآخر} بدل من (أهله)، وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله: {لا ينال عهدي الظالمين} {قَالَ} تعالى {وَ} أرزق {مَن كَفَرَ فَأُمَتّعُهُ} بالتشديد والتخفيف (فأمتعه) في الدنيا بالرزق {قَلِيلاً} مدة حياته {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} أُلجئه في الآخرة {إلى عَذَابِ النار} فلا يجد عنها محيصاً {وَبِئْسَ المصير} المرجع هي

تفسير الآية رقم (127):
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)}
{وَ} اذكر {إِذْ يَرْفَعُ إبراهيم القواعد} الأسس أو الجُدُر {مِنَ البيت} يبنيه، متعلق (بيرفع) {وإسماعيل} عطف على {إبراهيم} يقولان {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} بناءنا {إِنَّكَ أَنتَ السميع} للقول {العليم} بالفعل.
.تفسير الآية رقم (128):
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)}
{رَبَّنَا واجعلنا مُسْلِمَيْنِ} منقادين {لَكَ} اجعل {مِنْ ذُرِّيَّتِنَا} أولادنا {أُمَّةً} جماعة {مُّسْلِمَةً لَّكَ} (ومن) للتبعيض وأتى به لتقدُّم قوله: {لا ينال عهدي الظالمين} {وَأَرِنَا} علّمنا {مَنَاسِكَنَا} شرائع عبادتنا أو حجنا {وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التواب الرحيم} سألاه التوبة مع عصمتهما تواضعاً وتعليماً لذرّيتهما.
.تفسير الآية رقم (129):
{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)}
{رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ} أي أهل البيت {رَسُولاً مّنْهُمْ} من أنفسهم وقد أجاب الله دعاءه بمحمد صلى الله عليه وسلم {يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءاياتك} القرآن {وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب} القرآن {والحكمة} أي ما فيه من الأحكام {وَيُزَكّيهِمْ} يطهرهم من الشرك {إِنَّكَ أَنتَ العزيز} الغالب {الحكيم} في صنعه.
.تفسير الآية رقم (130):
{وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)}
{وَمَنْ} أي لا {يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم} فيتركها {إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ} جهل نفسه أنها مخلوقة لله يجب عليها عبادته أو استخف بها وامتهنها {وَلَقَدِ اصطفيناه} اخترناه {فِي الدنيا} بالرسالة والخُلَّة {وَإِنَّهُ فِي الأخرة لَمِنَ الصالحين} الذين لهم الشئدرجات العلى.
.تفسير الآية رقم (131):
{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131)}
واذكر {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} انقد لله وأخلص له دينك {قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالمين}.
.تفسير الآية رقم (132):
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132)}
{ووصى} وفي قراءة {أوصى} {بِهَا} بالملة {إبراهيم بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} بنيه قال {يابنى إِنَّ الله اصطفى لَكُمُ الدين} دين الإسلام {فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} نَهيٌ عن ترك الإسلام وأمْرٌ بالثبات عليه إلى مصادفة الموت.
.تفسير الآية رقم (133):
{أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}
ولما قال اليهود للنبي ألست تعلم أنّ يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية نزل: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء} حضوراً {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الموت إِذْ} بدل من {إذ} قبله {قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِى} بعد موتي؟ {قَالُواْ نَعْبُدُ إلهك وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} عَدَّ إسماعيل من الآباء تغليبٌ ولأن العم بمنزلة الأب {إلها واحدا} بدل من {إلهك} {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} و(أم) بمعنى همزة الإنكار أي لم تحضروه وقت موته فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به.
.تفسير الآية رقم (134):
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)}
{تِلْكَ} مبتدأ والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما وأُنِّث لتأنيث خبره {أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} سلفت {لَهَا مَا كَسَبَتْ} من العمل أي جزاؤه واستئناف {وَلَكُمْ} الخطاب لليهود {مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} كما لا يسألون عن عملكم والجملة تأكيد لما قبلها.
.تفسير الآية رقم (135):
{وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)}
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نصارى تَهْتَدُواْ} (أو) للتفصيل وقائل الأوّلـ (يهود المدينة) والثاني (نصارى نجران) {قُلْ} لهم {بَلِ} نتبع {مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفاً} حال من {إبراهيم} مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيم {وَمَا كَانَ مِنَ المشركين}.
.تفسير الآية رقم (136):
{قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)}
{قُولُواْ} خطاب للمؤمنين {ءَامَنَّا بالله وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا} من القرآن {وَمَا أُنزِلَ إِلَى إبراهيم} من الصحف العشر {وإسماعيل وإسحاق وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ} أولاده {وَمَا أُوتِىَ موسى} من التوراة {وَعِيسَى} من الإنجيل {وَمَا أُوتِيَ النبيون مِن رَّبّهِمْ} من الكتب والآيات {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ} فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كاليهود والنصارى {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}.
.تفسير الآية رقم (137):
{فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)}
{فَإِنْ ءَامَنُواْ} أي اليهود والنصارى {بِمَثَلِ} (مثل) زائدة {مَا ءَامَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهتدوا وَّإِنْ تَوَلَّوْاْ} عن الإيمان به {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} خلاف معكم {فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله} يا محمد شقاقهم {وَهُوَ السميع} لأقوالهم {العليم} بأحوالهم، وقد كفاه إياهم بقتل قريظة ونفي النضير وضرب الجزية عليهم.
.تفسير الآية رقم (138):
{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)}
{صِبْغَةَ الله} مصدر مؤكد لـ (آمنا) ونصبه بفعل مقدر أي صبغنا الله، والمراد بها دينه الذي فطر الناس عليه لظهور أثره على صاحبه كالصبغ في الثوب {وَمَنْ} أي لا أحد {أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً} تمييز {وَنَحْنُ لَهُ عابدون} قال اليهود للمسلمين نحن أهل الكتاب الأول وقبلتنا أقدم ولم تكن الأنبياء من العرب ولو كان محمد نبياً، لكان منا فنزل:
.تفسير الآية رقم (139):
{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)}
{قُلْ} لهم {أَتُحَاجُّونَنَا} تخاصموننا {فِي الله} أن اصطفى نبياً من العرب {وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} فله أن يصطفي من عباده من يشاء {وَلَنَا أعمالنا} نُجَازَى بها {وَلَكُمْ أعمالكم} تُجَازَوْنَ بها فلا يبعد أن يكون في أعمالنا ما نستحق به الإكرام {وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} الدين والعملَ دونكم فنحن أولى بالاصطفاء والهمزة للإنكار والجمل الثلاث أحوال.
.تفسير الآية رقم (140):
{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)}
{أَمْ} بل أ {تَقُولُونَ} بالتاء والياء {إِنَّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نصارى قُلْ} لهم {ءَأنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ الله} أي الله أعلم وقد برَّأ منهما إبراهيم بقوله: {ما كان إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً} [67: 3] والمذكورون معه تبعٌ له {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ} أخفى عن الناس {شهادة عِندَهُ} كائنة {مِنَ الله}؟ أي لا أحد أظلم منه وهم اليهود كتموا شهادة الله في التوراة لإبراهيم بالحنيفية {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} تهديد لهم.
.تفسير الآية رقم (141):
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)}
{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُم وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} تقدّم مثله.
.تفسير الآية رقم (142):
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)}
{سَيَقُولُ السفهاء} الجهال {مِنَ الناس} اليهود والمشركين {مَا ولاهم} أي شيء صرف النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين {عَن قِبْلَتِهِمُ التي كَانُواْ عَلَيْهَا} على استقبالها في الصلاة وهي بيت المقدس؟ والإتيان بالسين الدالة على الاستقبال من الإخبار بالغيب {قُل لّلَّهِ المشرق والمغرب} أي الجهات كلها فيأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء لا اعتراض عليه {يَهْدِى مَن يَشَآء} هدايته {إلى صراط} طريق {مُّسْتَقِيمٍ} دين الإسلام أي ومنهم أنتم دل على هذا.
.تفسير الآية رقم (143):
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)}
{وكذلك} كما هديناكم إليه {جعلناكم} يا أمّة محمد {أُمَّةً وَسَطًا} خياراً عدولاً {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى الناس} يوم القيامة أنَّ رسلهم بلَّغتهم {وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} أنه بلغكم {وَمَا جَعَلْنَا} صيرنا {القبلة} لك الآن الجهة {التي كُنتَ عَلَيْهَا} أولاً وهي الكعبة وكان صلى الله عليه وسلم يصلي إليها فلما هاجر أُمِرَ باستقبال بيت المقدس تألُّفا لليهود فصلى إليه ستة أو سبعة عشر شهراً ثم حُوِّلَ {إِلاَّ لِنَعْلَمَ} علم ظهور {مَن يَتَّبِعُ الرسول} فيصدقه {مِمَّن يَنقَلِبُ على عَقِبَيْهِ} أي يرجع إلى الكفر شكا في الدين وظنا أن النبي صلى الله عليه وسلم في حيرة من أمره وقد ارتد لذلك جماعة {وَإِن} مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي: وإنها {كَانَتْ} أي التولية إليها {لَكَبِيرَةً} شاقة على الناس {إِلاَّ عَلَى الذين هَدَى الله} منهم {وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم} أي صلاتكم إلى بيت المقدس بل يثيبكم عليه لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل التحويل {إِنَّ الله بالناس} المؤمنين {لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} في عدم إضاعة أعمالهم و(الرأفة) شدّة الرحمة وقُدّم الأبلغ للفاصلة.
.تفسير الآية رقم (144):
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}
{قَدْ} للتحقيق {نرى تَقَلُّبَ} تصرُّف {وَجْهِكَ فِي} جهة {السماء} متطلعا إلى الوحي ومتشوّقاً للأمر باستقبال الكعبة وكان يودّ ذلك لأنها قبلة إبراهيم ولأنه أدْعَى إلى إسلام العرب {فَلَنُوَلّيَنَّكَ} نحِّولنَّك {قِبْلَةً ترضاها} تحبها {فَوَلّ وَجْهَكَ} استقبل في الصلاة {شَطْرَ} نحو {المسجد الحرام} أي الكعبة {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ} خطاب للأمة {فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ} في الصلاة {شَطْرَهُ وَإِنَّ الذين أُوتُواْ الكتاب لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ} أي التولي إلى الكعبة {الحق} الثابت {مِّن رَّبّهِمُ} لما في كتبهم من نعت النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يتحول إليها {وَمَا الله بغافل عَمَّا يَعْمَلُونَ} بالتاء أيها المؤمنون من امتثال أمره وبالياء أي اليهود من إنكار أمر القبلة.
.تفسير الآية رقم (145):
{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}
{وَلَئِنِ} لام قسم {أَتَيْتَ الذين أُوتُواْ الكتاب بِكُلّ ءَايَةٍ} على صدقك في أمر القبلة {مَّا تَبِعُواْ} أي لايتبعون {قِبْلَتَكَ} عناداً {وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} قطع لطمعه في إسلامهم وطمعهم في عوده إليها {وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} أي اليهود قبلة النصارى وبالعكس {وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم} التي يدعونك إليها {مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم} الوحي {إِنَّكَ إِذَاً} إن اتبعتهم فرضاً {لَّمِنَ الظالمين}.
.تفسير الآية رقم (146):
{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)}
{الذين آتيناهم الكتاب يَعْرِفُونَهُ} أي محمداً {كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} بنعته في كتبهم قال ابن سلام: (لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني ومعرفتي لمحمد أشدّ) {وَإِنَّ فَرِيقًا مّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق} نعته {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} هذا الذي أنت عليه.

کوئی تبصرے نہیں:

ایک تبصرہ شائع کریں

مکمل دروس عقیدہ طحآویہ

عقیدہ طحاویہ کے مکمل دروس