جمعہ، 11 اگست، 2017

سورۃ بقرۃ جلالین حصہ ششم

تفسير الآية رقم (254):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رزقناكم} زكاته {مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ} فداء {فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ} صداقة تنفع {وَلاَ شفاعة} بغير إذنه وهو يوم القيامة وفي قراءة برفع الثلاثة {والكافرون} بالله أو بما فرض عليهم {هُمُ الظالمون} لوضعهم أمر الله في غير محله.
.تفسير الآية رقم (255):
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)}
{الله لآ إله} أي لا معبود بحق في الوجود {إِلاَّ هُوَ الحى} الدائم البقاء {القيوم} المبالغ في القيام بتدبير خلقه {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} نعاس {وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض} ملكاً وخلقاً وعبيداً {مَّن ذَا الذي} أي لا أحد {يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} له فيها {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} أي الخلق {وَمَا خَلْفَهُمْ} أي من أمر الدنيا والآخرة {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ} أي لا يعلمون شيئاً من معلوماته {إِلاَّ بِمَا شَآءَ} أن يُعَلِمَهُم به منها بإخبار الرسل {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السموات والأرض} قيل أحاط علمه بهما وقيل ملكه وقيل الكرسي نفسه مشتمل عليهما لعظمته لحديث «ما السموات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس» {وَلاَ يَؤدُهُ} يثقله {حِفْظُهُمَا} أي السموات والأرض {وَهُوَ العلى} فوق خلقه بالقهر {العظيم} الكبير.
.تفسير الآية رقم (256):
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)}
{لآ إِكْرَاهَ فِي الدين} على الدخول فيه {قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي} أي ظهر بالآيات البينات أن الإيمان رشد والكفر غيّ نزلت فيمن كان له من الأنصار أولاد أراد أن يكرههم على الإسلام {فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت} الشيطان أو الأصنام وهو يُطْلَق على المفرد والجمع {وَيُؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك} تمسك {بالعروة الوثقى} بالعقد المحكم {لاَ انفصام} انقطاع {لَهَا والله سَمِيعٌ} لما يقال {عَلِيمٌ} بما يفعل.
.تفسير الآية رقم (257):
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)}
{الله وَلِيُّ} ناصر {الذين ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ الظلمات} الكفر {إِلَى النور} الإيمان {والذين كَفَرُواْ أَوْلِيٍَآؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُم مّنَ النور إِلَى الظلمات} ذِكْرُ الإخراج: إما في مقابلة قوله: {يخرجهم من الظلمات}، أو في كل من آمن بالنبي قبل بعثته من اليهود ثم كفر به {أولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون}.
.تفسير الآية رقم (258):
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)}
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ} جادل {إبراهيم فِي رِبّهِ} ل {أَنْ ءاتاه الله الملك} أي حمله بطره بنعمة الله على ذلك وهو (نمرود) {إِذ} بدل من (حاجَّ) {قَالَ إبراهيم} لما قال له من ربك الذي تدعونا إليه؟ {رَبّيَ الذي يُحْىِ وَيُمِيتُ} أي يخلق الحياة والموت في الأجساد {قَالَ} هو {أَنا أُحْىِ وأُمِيتُ} بالقتل والعفو عنه، ودعا برجلين فقتل أحدهما وترك الآخر فلما رآه غبياً {قَالَ إبراهيم} منتقلاً إلى حجة أوضح منها {فَإِنَّ الله يَأْتِى بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا} أنت {مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذي كَفَرَ} تَحيَّر ودَهشَ {والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين} بالكفر إلى مَحجَّة الاحتجاج.
.تفسير الآية رقم (259):
{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259)}
{أَوْ} رأيت {كالذى} الكاف زائدة {مَرَّ على قَرْيَةٍ} هي بيت المقدس راكباً على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وهو (عزير) {وَهِىَ خَاوِيَةٌ} ساقطة {على عُرُوشِهَا} سقوطها لما خرَّبها بختنصر {قَالَ إِنّى} كيف {يُحْىِ هذه اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} استعظاماً لقدرته تعالى {فَأَمَاتَهُ الله} وألبثه {مِاْئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} أحياه ليريه كيفية ذلك {قَالَ} تعالى له {كَمْ لَبِثْتَ} مكثت هنا؟ {قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} لأنه نام أول النهار فقُبِضَ وأُحيي عند الغروب فظن أنه يوم النوم {قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فانظر إلى طَعَامِكَ} التين {وَشَرَابِكَ} الْعَصِير {لَمْ يَتَسَنَّهْ} لم يتغير مع طول الزمان، و(الهاء) قيل أصل من (سانَهْتُ) وقيل للسكت من (سَانَيتُ)، وفي قراءة بحذفها {وانظر إلى حِمَارِكَ} كيف هو؟ فرآه ميتاً وعظامه بيض تلوح!فعلنا ذلك لتعلم {وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً} على البعث {لِلنَّاسِ وانظر إِلَى العظام} من حمارك {كَيْفَ نُنشِزُهَا} نحييها بضم النون وقرئ بفتحها من (أنشر) و(نشر)- لغتان-، وفي قراءة {نُنشزُها} بضم النون والزاي أي نُحَرِّكُها ونَرْفَعُها {ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} فنظر إليها وقد تركبت وكسيت لحما ونفخ فيه الروح ونهق {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} ذلك بالمشاهدة {قَالَ أَعْلَمُ} علم مشاهدة {إِنَّ الله على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ} وفي قراءة {اعْلَمْ} أمْرٌ من الله له.
.تفسير الآية رقم (260):
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)}
{وَ} اذكر {وَإِذْ قَالَ إبراهيم رَبِّ أَرِنِى كيف تُحْي الموتى} تعالى له {أَوَلَمْ تُؤْمِن} بقدرتي على الإحياء؟ سأله مع علمه بإيمانه بذلك ليجيبه بما سأل فيعلم السامعون غرضه {قَالَ بلى} آمنت {ولكن} سألتك {لّيَطْمَئِنَّ} يسكن {قَلْبِى} بالمعاينة المضمومة إلى الاستدلال {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مّنَ الطير فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} بكسر الصاد وضمها أملهن إليك وقطعهن واخلط لحمهن وريشهن {ثُمَّ اجعل على كُلّ جَبَلٍ} من جبال أرضك {مّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادعهن} إليك {يَأْتِينَكَ سَعْيًا} سريعاً {واعلم أَنَّ الله عَزِيزٌ} لا يعجزه شيء {حَكِيمٌ} في صنعه فأخذ طاووساً ونسراً وغراباً وديكاً وفعل بهن ما ذكر وأمسك رؤوسهن عنده ودعاهن فتطايرت الأجزاء إلى بعضها حتى تكاملت ثم أقبلت إلى رؤوسها.
.تفسير الآية رقم (261):
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)}
{مَثَلُ} صفة نفقات {الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله} أي طاعته {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ} فكذلك نفقاته تُضَاعَف لسبعمائة ضعف {والله يضاعف} أكثر من ذلك {لِمَن يَشَاء والله واسع} فضله {عَلِيمٌ} بمن يستحق المضاعفة.
.تفسير الآية رقم (262):
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)}
{الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُواْ مَنّاً} على المنفق عليه بقولهم مثلاً: قد أحسنت إليه وجبرت حاله {وَلا أَذًى} له بذكر ذلك إلى من لا يحب وقوفه عليه ونحوه {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} ثواب إنفاقهم {عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} في الآخرة.
.تفسير الآية رقم (263):
{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)}
{قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} كلام حسن وردٌّ على السائل جميل {وَمَغْفِرَةٌ} له في إلحاحه {خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} بالْمن وتعيير له بالسؤال {والله غَنِىٌّ} عن صدقة العباد {حَلِيمٌ} بتأخير العقوبة عن المانّ والمؤذى.
.تفسير الآية رقم (264):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)}
{ياأيها الذين ءامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صدقاتكم} أي أجورها {بالمن والأذى} إبطالاً {كالذى} أي كإبطال نفقة الذي {يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء الناس} مرائياً لهم {وَلاَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر} وهو المنافق {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} حجر أملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر شديد {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} صلباً أملس لا شيء عليه {لاَّ يَقْدِرُونَ} استئناف لبيان مثل المنافق المنفق رئاء الناس، وجُمِعَ الضمير باعتبار معنى (الذي) {على شَئ مّمَّا كَسَبُواْ} عملوا أي لا يجدون له ثواباً في الآخرة كما لا يوجد على الصفوان شيء من التراب الذي كان عليه لإذهاب المطر له {والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين}.
.تفسير الآية رقم (265):
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)}
{وَمَثَلُ} نفقات {الذين يُنفِقُونَ أموالهم ابتغاء} طلب {مَرْضَاتِ الله وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ} أي تحقيقاً للثواب عليه بخلاف المنافقين الذين لا يرجونه لإنكارهم له، و(مَن) ابتدائية {كَمَثَلِ جَنَّةٍ} بستان {بِرَبْوَةٍ} بضم الراء وفتحها، مكان مرتفع مستو {أَصَابَهَا وَابِلٌ فَأَتَتْ} أعطت {أُكُلُهَا} بضم الكاف وسكونها ثمرها {ضِعْفَيْنِ} مثل ما يثمر غيرها {فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} مطر خفيف يصيبها ويكفيها لارتفاعها، المعنى: تثمر وتزكو كَثُر المطر أم قل فكذلك نفقات من ذكر تزكو عند الله كَثُرَت أم قلت {والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيجازيكم به.
.تفسير الآية رقم (266):
{أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)}
{أَيَوَدُّ} أيحب {أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} بستان {مّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار لَهُ فِيهَا} ثمر {مِن كُلّ الثمرات} قد {أَصَابَهُ الكبر} فضعف من الكبر {وَلَهُ ذُرّيَّةٌ ضُعَفَاء} أولاد صغار لا يقدرون عليه {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ} ريح شديدة {فِيهِ نَارٌ فاحترقت} ففقدها أحوج ما كان إليها وبقي هو وأولاده عجزة متحيرين لا حيلة لهم وهذا تمثيل لنفقة المرائي والمانّ في ذهابها وعدم نفعها أحوج ما يكون إليها في الآخرة والاستفهام بمعنى النفي. وعن ابن عباس: هو الرجل عمل بالطاعات ثم بُعِثَ له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أحرق أعماله {كذلك} كما بيَّن ما ذكر {يُبيّنُ الله لَكُمُ الأات لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} فتعتبرون.
.تفسير الآية رقم (267):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ أَنفِقُواْ} أي زكوا {مِن طَيّبَاتِ} جياد {مَّا كَسَبْتُم} من المال {وَمِنْ} طيبات {مَا أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الأرض} من الحبوب والثمار {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} تقصدوا {الخبيث} الرديء {مِنْهُ} أي من المذكور {تُنفِقُونَ} ه في الزكاة، حال من ضمير (تيمموا) {وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ} أي الخبيث لو أعطيتموه في حقوقكم {إِلا أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} بالتساهل وغض البصر فكيف تؤدون منه حق الله؟ {واعلموا أَنَّ الله غَنِيٌّ} عن نفقاتكم {حَمِيدٌ} محمود على كل حال.
.تفسير الآية رقم (268):
{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)}
{الشيطان يَعِدُكُمُ الفقر} يخوّفكم به إن تصدّقتم فتمسكون {وَيَأْمُرُكُم بالفحشاء} البخل ومنع الزكاة {والله يَعِدُكُم} على الإنفاق {مَّغْفِرَةً مّنْهُ} لذنوبكم {وَفَضْلاً} رزقاً خلفاً منه {والله واسع} فضله {عَلِيمٌ} بالمنفق.
.تفسير الآية رقم (269):
{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)}
{يُؤْتِى الْحِكْمَةَ} أي العلم النافع المؤديّ إلى العمل {مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا} لمصيره إلى السعادة الأبدية {وَمَا يَذَّكَّرُ} فيه إدغام التاء في الأصل في الذال يتعظ {إِلاَّ أُوْلُواْ الالباب} أصحاب العقول

.تفسير الآية رقم (270):
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270)}
{وَمَا أَنفَقْتُم مّن نَّفَقَةٍ} أدّيتم من زكاة أو صدقة {أَوْ نَذَرْتُم مّن نَّذْرٍ} فوفيتم به {فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ} فيجازيكم عليه {وَمَا للظالمين} بمنع الزكاة والنذر أو بوضع الإنفاق في غير محله من معاصي الله {مِنْ أَنصَارٍ} مانعين لهم من عذابه.
.تفسير الآية رقم (271):
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)}
{إِن تُبْدُواْ} تظهروا {الصدقات} أي النوافل {فَنِعِمَّا هِىَ} أي نعم شيئاً إبداؤها {وَإِن تُخْفُوهَا} تسروها {وَتُؤْتُوهَا الفقراء فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} من إبدائها وإيتائها الأغنياء أما صدقة الفرض فالأفضل إظهارها ليُقتدى به ولئلا يتهم، وإيتاؤها الفقراء متعين {وَيُكَفّرْ} بالياء والنون مجزوماً بالعطف على محل (فهو) ومرفوعاً على الاستئناف {عَنكُمْ مّنَ} بعض {سَيّئَاتِكُمْ والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} عالم بباطنه كظاهره لا يخفى عليه شيء منه.
.تفسير الآية رقم (272):
{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}
ولما منع صلى الله عليه وسلم من التصدُّق على المشركين ليسلموا نزل {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} أي الناس إلى الدخول في الإسلام إنما عليك البلاغ {ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَاءُ} هدايته إلى الدخول فيه {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ} مال {فَلأَنفُسِكُمْ} لأنّ ثوابه لها {وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابتغاء وَجْهِ الله} أي ثوابه لا غيره من أعراض الدنيا خبر بمعنى النهي {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} جزاؤه {وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} تُنقصونَ منه شيئاً، والجملتان تأكيد للأولى.
.تفسير الآية رقم (273):
{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)}
{لِلْفُقَرَاء} خبر مبتدأ محذوف أي الصدقات {الذين أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ الله} أي حبسوا أنفسهم على الجهاد. نزلت في أهل الصُّفَّة وهم أربعمائة من المهاجرين أرصدوا لتعلم القرآن والخروج مع السرايا {لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا} سفرا {فِي الأرض} للتجارة والمعاش لشغلهم عنه بالجهاد {يَحْسَبُهُمُ الجاهل} بحالهم {أَغْنِيَاءَ مِنَ التعفف} أي لتعففهم عن السؤال وتركه {تَعْرِفُهُم} يا مخاطب {بسيماهم} علامتهم من التواضع وأثر الجهد {لاَ يَسْئَلوُن النَّاسَ} شيئاً فيُلحفون {إِلْحَافًا} أي لا سؤال لهم أصلاً فلا يقع منهم إلحاف وهو الإلحاح {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ} فمجاز عليه.
.تفسير الآية رقم (274):
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}
{الذين يُنفِقُونَ أموالهم باليل والنهار سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُم عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
.تفسير الآية رقم (275):
{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)}
{الذين يَأْكُلُونَ الربا} أي يأخذونه وهو الزيادة في المعاملة بالنقود والمطعومات في القَدْر أو الأجل {لاَ يَقُومُونَ} من قبورهم {إِلا} قياماً {كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ} يصرعه {الشيطان مِنَ المس} الجنون، متعلق (بيقومون) {ذلك} الذي نزل بهم {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {قَالُواْ إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا} في الجواز وهذا من عكس التشبيه مبالغة فقال تعالى رداً عليهم {وَأَحَلَ الله البَيْعَ وَحَرَمَ الرباوا فَمن جَآءَهُ} بلغه {مَّوْعِظَةٌ} وعظ {مّنْ رَّبّهِ فانتهى} عن أكله {فَلَهُ مَا سَلَفَ} قبل النهي أي لا يسترد منه {وَأَمْرُهُ} في العفو عنه {إِلَى الله وَمَنْ عَادَ} إلى أكله مشبهاً له بالبيع في الحل {فأولئك أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون}.
.تفسير الآية رقم (276):
{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)}
{يَمْحَقُ الله الربا} ينقصه ويذهب بركته {وَيُرْبِى الصدقات} يزيدها وينمّيها ويضاعف ثوابها {والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ} بتحليل الربا {أَثِيمٍ} فاجر بأكله أي يعاقبه.
.تفسير الآية رقم (277):
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)}
{إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وَأَقَامُواْ الصلاة وءَاتَوُاْ الزكواة لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
.تفسير الآية رقم (278):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ اتقوا الله وَذَرُواْ} اتركوا {مَا بَقِىَ مِنَ الربا إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} صادقين في إيمانكم فإنّ من شأن المؤمنين امتثال أمر الله تعالى، نزلت لما طالب بعض الصحابة بعد النهي برباً كان لهم قبل.
.تفسير الآية رقم (279):
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)}
{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ} ما أمرتم به {فَأْذَنُواْ} اعلموا {بِحَرْبٍ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ} لكم فيه تهديد شديد لهم ولما نزلت قالوا: لا يَدَيْ لنا بحربه {وَإِن تُبْتُمْ} رجعتم عنه {فَلَكُمْ رُءُوسُ} أصول {أموالكم لاَ تَظْلِمُونَ} بزيادة {وَلاَ تُظْلَمُونَ} بنقص.
.تفسير الآية رقم (280):
{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)}
{وَإِن كَانَ} وقع غريم {ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ} له أي عليكم تأخيره {إلى مَيْسَرَةٍ} بفتح السين وضمها، أي وقت يسر {وَأَن تَصَدَّقُواْ} بالتشديد على إدغام التاء في الأصل في الصاد [تصّدّقوا] وبالتخفيف على حذفها [تصدّقوا] أي تتصدقوا على المعسر بالإبراء {خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه خير فافعلوه في الحديث «من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» رواه مسلم.
.تفسير الآية رقم (281):
{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)}
{واتقوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ} بالبناء للمفعول [تُرجَعون] تردون، وللفاعل [ترجِعون] تصِيرون {فِيهِ إِلَى الله} هو يوم القيامة {ثُمَّ توفى} فيه {كُلُّ نَفْسٍ} جزاء {مَّا كَسَبَتْ} عملت من خير وشر {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} بنقص حسنة أو زيادة سيئة.
.تفسير الآية رقم (282):
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)}
{ياأيها الذين ءَامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم} تعاملتم {بِدَيْنٍ} كسلم وقرض {إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} معلوم {فاكتبوه} استيثاقاً ودفعاً للنزاع {وَلْيَكْتُب} كتاب الدَّينَ {بَّيْنَكُم كَاتِبٌ بالعدل} بالحق في كتابته لا يزيد في المال والأجل ولا ينقص {وَلاَ يَأْبَ} يمتنع {كَاتِبٌ} من {أَن يَكْتُبَ} إذا دعي إليها {كَمَا عَلَّمَهُ الله} أي فضله بالكتابة فلا يبخل بها، والكاف متعلقة بـ (يأب) {فَلْيَكْتُبْ} تأكيد {وَلْيُمْلِلِ} يُمْلِ الكاتب {الذي عَلَيْهِ الحق} الدَّيْن لأنه المشهود عليه فيقرّ ليعلم ما عليه {وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ} في إملائه {وَلاَ يَبْخَسْ} ينقص {مِنْهُ} أي الحق {شَيْئاً فَإن كَانَ الذي عَلَيْهِ الحق سَفِيهًا} مبذِّرا {أَوْ ضَعِيفًا} عن الإملاء لصغر أو كبر {أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ} لخرس أو جهل باللغة أو نحو ذلك {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ} متولي أمره من والدٍ ووصيّ وقيِّم ومُترجم {بالعدل واستشهدوا} أشهدوا على الدَّيْن {شَهِيدَيْنِ} شاهدين {مّن رّجَالِكُمْ} أي بالغي المسلمين الأحرار {فَإِن لَّمْ يَكُونَا} أي الشهيدان {رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامرأتان} يشهدون {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهداء} لدينه وعدالته وتعدّد النساء لأجل {أَن تَضِلَّ} تنسى {إْحْدَاهُمَا} الشهادة لنقص عقلهن وضبطهن {فَتُذَكّرَ} بالتخفيف والتشديد {إْحْدَاهُمَا} الذاكرة {الاخرى} الناسية وجملة الإذكار محل العلة أي لتذكر إن ضلت ودخلت على الضلال لأنه سبب. وفي قراءة بكسر {إن} شرطية، ورفع (تذكر) استئناف جوابه {وَلاَ يَأْبَ الشهداء إِذَا مَا} زائدة {دُعُواْ} إلى تحمل الشهادة وأدائها {تَسئَموُاْ} تملوا من {أَن تَكْتُبُوهُ} أي ما شهدتم عليه من حق لكثرة وقوع ذلك {صَغِيرًا} كان {أَوْ كَبِيرًا} قليلاً أو كثيراً {إِلَى أَجَلِهِ} وقت حلوله حال من الهاء في (تكتبوه) {ذلكم} أي الكتب {أَقْسَطُ} أعدل {عِندَ الله وَأَقْوَمُ للشهادة} أي أعون على إقامتها لأنه يذكرها {وَأَدْنَى} أقرب إلى {أَ} نْ {لا تَرْتَابُواْ} تشكوا في قدر الحق والأجل {إِلا أَن تَكُونَ} تقع {تجارة حَاضِرَةً} وفي قراءة بالنصبـ (فتكون) ناقصة واسمها ضمير التجارة {تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} أي تقبضونها ولا أجل فيها {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} في {أَ} ن {لا تَكْتُبُوهَا} والمراد بها المتجر فيه {وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ} عليه فإنه أدفع للاختلاف وهذا وما قبله أمر ندب {وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} صاحب الحق ومن عليه بتحريف أو امتناع من الشهادة أو الكتابة ولا يضرهما صاحب الحق بتكليفهما ما لا يليق في الكتابة والشهادة {وَإِن تَفْعَلُواْ} ما نُهيتم عنه {فَإِنَّهُ فُسُوقٌ} خروج عن الطاعة لاحِقٌ {بِكُمْ واتقوا الله} في أمره ونهيه {وَيُعَلّمُكُمُ الله} مصالح أموركم حال مقدرة أو مستأنف {والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
.تفسير الآية رقم (283):
{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)}
{وَإِن كُنتُمْ على سَفَرٍ} أي مسافرين وتداينتم {وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فرهان} وفي قراءة {فَرِهَان} جمع (رهن) {مَّقْبُوضَةٌ} تستوثقون بها وبينت السنة جواز الرهن في الحضر ووجود الكاتب فالتقيد بما ذكر لأن التوثيق فيه أشدّ وأفاد قوله: {مقبوضة} اشتراط القبض في الرهن والاكتفاء به من المرتهن ووكيله {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا} أي الدائن المدين على حقه فلم يرتهن {فَلْيُؤَدّ الذي اؤتمن} أي المدين {أمانته} دَيْنَه {وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ} في أدائه {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشهادة} إذا دُعيتم لإقامتها {وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءاثِمٌ قَلْبُهُ} خص بالذكر لأنه محل الشهادة ولأنه إذا أثم تبعه غيره فيعاقب عليه معاقبة الآثمين {والله بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء منه.
.تفسير الآية رقم (284):
{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)}
{للَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض وَإِن تُبْدُواْ} تظهروا {مَا فِي أَنفُسِكُمْ} من السوء والعزم عليه {أَوْ تُخْفُوهْ} تسرّوه {يُحَاسِبْكُم} يخبركم {بِهِ الله} يوم القيامة {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ} المغفرة له {وَيُعَذّبُ مَن يَشَاءُ} تعذيبه، والفعلان بالجزم عطف على جواب الشرط والرفع أي فهو {والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ} ومنه محاسبتكم وجزاؤكم.
.تفسير الآية رقم (285):
{آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}
{ءَامَنَ} صدّق {الرسول} محمد صلى الله عليه وسلم {بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ} من القرآن {والمؤمنون} عطف عليه {كُلٌّ} تنوينه عوض من المضاف إليه {ءَامَنَ بالله وَمَلَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ} بالجمع والإفراد [وكتابه] {وَرُسُلِهِ} يقولون {لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ} فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعل اليهود والنصارى {وَقَالُواْ سَمِعْنَا} أي ما أُمْرِنَا به سماع قبول {وَأَطَعْنَا} نسألك {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المصير} المرجع بالبعث، ولما نزلت الآية قبلها شكا المؤمنون من الوسوسة وشق عليهم المحاسبة بها فنزل:


کوئی تبصرے نہیں:

ایک تبصرہ شائع کریں

مکمل دروس عقیدہ طحآویہ

عقیدہ طحاویہ کے مکمل دروس