بدھ، 19 جولائی، 2017

انواع الھم والعزم قصد و ارادہ کی اقسام



"بحث" في "أنواع" "العزم" و "الهم"

بحث في أنواع العزم و الهم :

بسم الله و الحمد لله و اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله وصحبه وسلم ، ثم أما بعد :

البعض يتوهم بأن الهم بالشيء هو فعله ، و البعض يتوهم بأن الهم هو النية فقط ، و الآخر يتوهم بأن الهم هو ما يدور في النفس ، و عنه هذا بحث صغير فيه لعل أساتذتنا يتفضلون علينا بمزيد من الشرح في هذه المسألة ، حفظهم الله


"أما ما يقع في النفس من قصد المعصية فعلى خمس مراتب" :


1 - الْهَاجِس : وَهُوَ مَا يُلْقَى فِيهَا .

2 – الْخَاطِر : وَهُوَ مَا يُلْقَى فِيهَا ، ثُمَّ جَرَيَانه فِيهَا .

3 - حَدِيث النَّفْس : وَهُوَ مَا يَقَع فِيهَا مِنْ التَّرَدُّد هَلْ يَفْعَل أَوْ لَا ؟ .

4 - الْهَمّ : وَهُوَ تَرْجِيح قَصْد الْفِعْل .

5 - العزم : وَهُوَ قُوَّة ذَلِكَ الْقَصْد وَالْجَزْم بِهِ .


و نترككم مع صاحب الأشباه و النظائر لينقل لنا كلام السبكي في شرح ما ذكرنا :

- يقول صاحب "الأشباه والنظائر" في ذكر أنواع الهم والتفريق بينهم حيث نقع كلام السبكي مختصرا له في الكتاب المذكور آنفا ، حيث أن السبكي بسط الحديث عنه في الحلبيات :


( وَقَدْ تَكَلَّمَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ عَلَى ذَلِكَ كَلَامًا مَبْسُوطًا أَحْسَن فِيهِ جِدًّا فَقَالَ : الَّذِي يَقَع فِي النَّفْس مِنْ قَصْد الْمَعْصِيَة عَلَى خَمْس مَرَاتِب : الْأُولَى : الْهَاجِس : وَهُوَ مَا يُلْقَى فِيهَا ، ثُمَّ جَرَيَانه فِيهَا وَهُوَ الْخَاطِر ، ثُمَّ حَدِيث النَّفْس : وَهُوَ مَا يَقَع فِيهَا مِنْ التَّرَدُّد هَلْ يَفْعَل أَوْ لَا ؟ ثُمَّ الْهَمّ : وَهُوَ تَرْجِيح قَصْد الْفِعْل ، ثُمَّ الْعَزْم : وَهُوَ قُوَّة ذَلِكَ الْقَصْد وَالْجَزْم بِهِ ، فَالْهَاجِس لَا يُؤَاخَذ بِهِ  إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْله ؛ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء وَرَدَ عَلَيْهِ ، لَا قُدْرَة لَهُ وَلَا صُنْع ، وَالْخَاطِر الَّذِي بَعْده كَانَ قَادِرًا عَلَى دَفْعه بِصَرْفِ الْهَاجِس أَوَّلَ وُرُوده ، وَلَكِنَّهُ هُوَ وَمَا بَعْده مِنْ حَدِيث النَّفْس مَرْفُوعَانِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح ، وَإِذَا ارْتَفَعَ حَدِيث النَّفْس ارْتَفَعَ مَا قَبْله بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .

وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا لَوْ كَانَتْ فِي الْحَسَنَات لَمْ يُكْتَب لَهُ بِهَا أَجْر :

أَمَّا الْأَوَّل فَظَاهِر ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِث فَلِعَدَمِ الْقَصْد ، وَأَمَّا الْهَمّ فَقَدْ بَيَّنَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ " إنَّ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ ، يُكْتَبُ حَسَنَةً ،  وَالْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَا يُكْتَبُ سَيِّئَة ، وَيُنْتَظَر فَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ كُتِبَتْ حَسَنَةً ، وَإِنْ فَعَلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً " وَالْأَصَحّ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْتَب عَلَيْهِ الْفِعْل وَحْده ؛ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله " وَاحِدَة " ، وَأَنَّ الْهَمّ مَرْفُوع .

وَمِنْ هَذَا يُعْلَم أَنَّ قَوْله فِي حَدِيث النَّفْس { : مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يَعْمَلْ } لَيْسَ لَهُ مَفْهُوم ، حَتَّى يُقَال : إنَّهَا إذَا تَكَلَّمَتْ أَوْ عَمِلَتْ يُكْتَب عَلَيْهِ حَدِيث النَّفْس ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْهَمّ لَا يُكْتَب ، فَحَدِيثُ النَّفْسِ أَوْلَى ، هَذَا كَلَامُهُ فِي الْحَلَبِيَّاتِ .

وَقَدْ خَالَفَهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَقَالَ : إنَّهُ ظَهَرَ لَهُ الْمُؤَاخَذَة مِنْ إطْلَاق قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : { أَوْ تَعْمَلْ } وَلَمْ يَقُلْ أَوْ  تَعْمَلهُ ، قَالَ : فَيُؤْخَذ مِنْهُ تَحْرِيم الْمَشْي إلَى مَعْصِيَة ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْي فِي نَفْسه مُبَاحًا ، لَكِنْ لِانْضِمَامِ قَصْد الْحَرَام إلَيْهِ ، فَكُلّ وَاحِد مِنْ الْمَشْي وَالْقَصْد لَا يَحْرُم عِنْد انْفِرَاده ، أَمَّا إذَا اجْتَمَعَا فَإِنَّ مَعَ الْهَمّ عَمَلًا لِمَا هُوَ مِنْ أَسْبَاب الْمَهْمُوم بِهِ فَاقْتَضَى إطْلَاقُ { أَوْ تَعْمَلْ } الْمُؤَاخَذَةَ بِهِ .

قَالَ : فَاشْدُدْ بِهَذِهِ الْفَائِدَة يَدَيْك ، وَاِتَّخِذْهَا أَصْلًا يَعُود نَفْعه عَلَيْك .

وَقَالَ وَلَده فِي مَنْعِ الْمَوَانِعِ : هُنَا دَقِيقَة نَبَّهْنَا عَلَيْهَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَهِيَ : أَنَّ عَدَم الْمُؤَاخَذَة بِحَدِيثِ النَّفْس وَالْهَمّ لَيْسَ مُطْلَقًا  بَلْ بِشَرْطِ عَدَم التَّكَلُّم وَالْعَمَل ، وَحَتَّى إذَا عَمِلَ يُؤَاخَذُ بِشَيْئَيْنِ هَمّه وَعَمَله ، وَلَا يَكُون هَمُّهُ مَغْفُورًا ، وَحَدِيث نَفْسه إلَّا إذَا لَمْ يَتَعَقَّبهُ الْعَمَل ، كَمَا هُوَ ظَاهِر الْحَدِيث ، ثُمَّ حَكَى كَلَامَ أَبِيهِ الَّذِي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ ، وَاَلَّذِي فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَرَجَّحَ الْمُؤَاخَذَة ، ثُمَّ قَالَ فِي الْحَلَبِيَّاتِ : وَأَمَّا الْعَزْم فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ ، وَخَالَفَ بَعْضهمْ وَقَالَ : إنَّهُ مِنْ الْهَمّ الْمَرْفُوع ، وَرُبَّمَا تَمَسّك بِقَوْلِ أَهْل اللُّغَة ، هَمَّ بِالشَّيْءِ عَزَمَ عَلَيْهِ ، وَالتَّمَسُّكُ بِهَذَا غَيْر سَدِيد لِأَنَّ اللُّغَوِيّ لَا يَتَنَزَّل إلَى هَذِهِ الدَّقَائِق .

وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ { إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ .
قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ ؟ قَالَ : كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ } فَعُلِّلَ بِالْحِرْصِ ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْمُؤَاخَذَة بِأَعْمَالِ الْقُلُوب كَالْحَسَدِ وَنَحْوه ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } عَلَى تَفْسِير الْإِلْحَاد بِالْمَعْصِيَةِ ، ثُمَّ قَالَ : إنَّ التَّوْبَة وَاجِبَة عَلَى الْفَوْر ، وَمِنْ ضَرُورَتهَا الْعَزْم عَلَى عَدَم الْعَوْد ، فَمَتَى عَزَمَ عَلَى الْعَوْد  قَبْل أَنْ يَتُوب مِنْهَا ، فَذَلِكَ مُضَادّ لِلتَّوْبَةِ ، فَيُؤَاخَذ بِهِ بِلَا إشْكَال ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رَزِينٍ ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِر جَوَابه : وَالْعَزْم عَلَى الْكَبِيرَة ، وَإِنْ كَانَ سَيِّئَة ، فَهُوَ دُون الْكَبِيرَة الْمَعْزُوم عَلَيْهَا ) أ . هـ


و نختم من الأشباه والنظائر بقاعدة هامة جاءت في (( الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْحَرَمِ اُخْتُصَّ حَرَمُ مَكَّةَ بِأَحْكَامٍ )) :


القاعدة رقم ( 20 ) : الْهَمُّ بِالسَّيِّئَةِ فِيهِ مُؤَاخَذٌ بِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي غَيْرِهِ .


( من كتاب الأشباه والنظائر ) أ . هـ

************



أبو محمد ابن حزم من أئمة الظاهرية ذكر الهم و فصل فيه ليس بكثير في "الأحكام" ، و قال فيه :

(( وقد يظن ظان أن المستسهل للاثم وإن لم يواقعه لا يكتب عليه إثم ذلك لما صح عن النبي (ص) من قوله: من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة.
قال أبو محمد: وهذا الحديث بين أن الذي لا يكتب عليه إثم فهي السيئة التي لم يعملها، وهذا ما لا شك فيه، ولم يقل (ص) إن إثم الهم بالسيئة لا يكتب عليه، والهم بالشئ غير العمل به، قال ضابئ بن الحارث البرجمي: هممت ولم أفعل وكدت وليتني * * تركت على عثمان تبكي حلائله ثم استدركنا هذا، وتأملنا النصوص فوجدناها مسقطة حكم الهم جملة، وأنه هو اللمم المغفور جملته.
فإن قال قائل: فقد صح عن النبي (ص) أنه أخبر أن: من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة قيل له: قد صح ذلك، وأخبر (ص) أن: الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن هم بسيئة ثم تركها قاصدا بتركها إلى الله تعالى، كتبت له حسنة بهذه النية الجميلة، فإن تركها لا لذلك لكن ناسيا أو مغلوبا أو بدا له فقط، فإنها غير مكتوبة عليه، لانه لم يعملها ولا أجر له في تركها، لأنه لم يقصد بذلك الله تعالى.

ولا يكون من هم بالسيئة مصرا إلا من تقدم منه مثل ذلك الفعل، قال الله تعالى: * (ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) * فصح أن لا إصرار إلا على من قد عمل بالشيء الذي هو مصر عليه، وهو عالم بأنه حرام عليه، وأما من هم بقبيح ولم يفعله قط، فهو هام به لا مصر عليه، بالنصوص التي ذكرنا )) .


انتهى كلام الأمام من كتاب الأحكام .


*****************

و قد شرح صاحب "المنثور في القواعد" حديث النفس وذكر الخمس مراتب لها بطريقة ، يسيرة الفهم و نقل عن بعض العلماء أقوالا هامة في المسألة فقال :

(( حَدِيثُ النَّفْسِ لَهُ خَمْسُ مَرَاتِبَ :

( الْأُولَى ) : ( الْهَاجِسُ ) وَهُوَ مَا يُلْقَى فِيهَا وَلَا مُؤَاخَذَةَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ ، لِأَنَّهُ وَارِدٌ مِنْ اللَّهِ ( تَعَالَى ) ، لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ دَفْعَهُ .

الثَّانِيَةُ : الْخَاطِرُ - وَهُوَ جَرَيَانُهُ فِيهَا .

الثَّالِثَة : حَدِيثُ نَفْسِهِ وَهُوَ مَا يَقَعُ ( مَعَ ) التَّرَدُّدِ ، هَلْ يَفْعَلُ ( أَوْ ) لَا ، وَهَذَانِ أَيْضًا مَرْفُوعَانِ عَلَى الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتَيْ مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ } ، فَإِذَا ارْتَفَعَ حَدِيثُ النَّفْسِ ارْتَفَعَ مَا قَبْلَهُ بِطَرِيقِ ( الْأَوْلَى ) .

قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ - فِيمَا لَوْ نَوَى الْمُودِعُ الْأَخْذَ ، وَلَمْ يَأْخُذْ لَا ( ضَمَانَ ) فِي الْأَصَحِّ ، الْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ تَجْرِيدُ ( الْقَصْدِ ) .

فَأَمَّا مَا يَخْطِرُ بِالْبَالِ وَدَاعِيَةُ ( الذِّهْنِ ) تَدْفَعُهُ ، فَلَا حُكْمَ لَهُ ، ( وَإِنْ تَرَدَّدَ ) الرَّأْيُ وَلَمْ ( يَجْزِمْ ) قَصْدًا ، فَالظَّاهِرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ حَتَّى يُجَرِّدَ قَصْدَهُ فِي الْعُدْوَانِ .

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ ، لَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ يَسْتَمِرُّ بَطَلَتْ وَالْمُرَادُ بِالتَّرَدُّدِ أَنْ يَطْرَأَ شَكٌّ مُنَاقِضٌ لِلْجَزْمِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَجْرِي فِي الْفِكْرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ ( كَيْفَ ) يَكُونُ الْحَالُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوِسُ ، وَقَدْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ ( بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ) ، فَلَا مُبَالَاةَ بِذَلِكَ - قَالَهُ إمَام الْحَرَمَيْنِ انْتَهَى .

وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ فِي الزِّيَادَاتِ : لَا خِلَافَ أَنَّ الْآدَمِيَّ يُؤَاخَذُ بِعَمَلِ اللِّسَانِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ .
قُلْت ، إلَّا مَا سَبَقَ ( بِهِ ) لِسَانُهُ ، أَوْ نَظَرَ الْفَجْأَةِ ، وَفِي الْحَدِيثِ { لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى } ، قَالَ أَمَّا الْفُؤَادُ ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ يُؤَاخَذُ بِمَا يَسْعَى بِهِ ( الْبَاطِنُ ) ، ( إلَّا أَوَّلَ خَطْرَةً ) وَهُوَ الْهَاجِسُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ ( بِسَاعِي الْبَاطِنِ ) ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا } وَقِيلَ إنْ اتَّصَلَ بِالْعَمَلِ يُؤَاخَذُ بِالْكُلِّ انْتَهَى .

( فَتَحَصَّلْنَا ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ مُطْلَقًا .

قَالَ الْمُحَقِّقُونَ وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ ( الثَّلَاثَةُ ) أَيْضًا ، لَوْ كَانَتْ فِي الْحَسَنَاتِ لَمْ يُكْتَبْ لَهُ بِهَا ( أَجْرَهُ ) ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَلِعَدَمِ الْقَصْدِ .
الرَّابِعَةُ - الْهَمُّ - وَهُوَ ( تَرْجِيحُ قَصْدِ ) الْفِعْلِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ } الْآيَةَ وَلَوْ كَانَتْ مُؤَاخَذَةً لَمْ يَكُنْ اللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ عَلَيْهِ } .

الْخَامِسَةُ - الْعَزْمُ وَهُوَ قُوَّةُ الْقَصْدِ وَالْجَزْمِ بِهِ وَعَقْدُ الْقَلْبِ ، وَهَذَا يُؤَاخَذُ بِهِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، { إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ ، قَالَ إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ } .
فَعَلَّلَ بِالْحِرْصِ ( وَلِلْإِجْمَاعِ ) عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ كَالْحَسَدِ ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ مَرْفُوعٌ كَالْهَمِّ لِعُمُومِ حَدِيثِ ( التَّجَاوُزِ ) عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْحِرْصِ بِأَنَّهُ ( قَارَنَهُ ) فِعْلٌ وَسَبَقَ عَنْ الْعَبَّادِيِّ تَرْجِيحُهُ ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) فِي الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ فِي ( بَابِ ) الرَّجْعَةِ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي نَفْسِهِ ، وَلَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ فَهُوَ حَدِيثُ ( النَّفْسِ ) الْمَوْضُوعُ عَنْ بَنِي آدَمَ انْتَهَى .

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدِيثُ النَّفْسِ الَّذِي يُمْكِنُ دَفْعُهُ ، لَكِنَّ فِي دَفْعِهِ مَشَقَّةً لَا إثْمَ فِيهِ ، لِقَوْلِهِ { إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا } ، وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ حَدِيثِ النَّفْسِ .

وَإِذَا تَعَلَّقَ ( هَذَا ) النَّوْعُ بِالْخَيْرِ ( أُثِيبَ ) عَلَيْهِ وَيَجْعَلُ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ مُوجِبَةً لِلرُّخْصَةِ دُونَ إسْقَاطِ اعْتِبَارِ الْكَسْبِ وَإِلَّا كَانَ يُقَالُ إنَّمَا ( سَقَطَ ) التَّكْلِيفُ بِهِ فِي طَرَفِ ( الشَّرِّ ) لِمَشَقَّةِ اكْتِسَابِ دَفْعِهِ فَصَارَ كَالضَّرُورِيِّ وَالضَّرُورِيُّ يُثَابُ ( عَلَيْهِ ) وَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ ( كَذَلِكَ ) هَذَا .

تَنْبِيهٌ : يُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالْخَطْرَةِ مَا إذَا تَعَمَّدَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فَقَالَ نَقْلًا عَنْ ( الشَّيْخِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ ) وَذَكَرَ ( مِمَّا ) لَا يُؤَاخَذُ بِهِ حَدِيثُ النَّفْسِ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَا رَوَى { لَك النَّظْرَةُ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَك الثَّانِيَةُ } إذَا كَانَتْ الْأُولَى لَا عَنْ قَصْدٍ وَتَعَمُّدٍ فَإِذَا أَعَادَ النَّظَرَ فَهُوَ كَمَنْ حَقَّقَ الْخَطْرَةَ )) أ . هـ

***************

و الى هنا ينتهي النقل في هذه المسألة

الله نسأل الإخلاص في أقوالنا و أعمالنا و الفتح بالعلم ثم الهداية للعمل به

و الله المستعان

ننتظر مراجعة أخطائنا من أساتذتنا ، حفظهم الله


کوئی تبصرے نہیں:

ایک تبصرہ شائع کریں

مکمل دروس عقیدہ طحآویہ

عقیدہ طحاویہ کے مکمل دروس